للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: والاستدلال بالآية من ثلاثة أوجُهٍ، أحدها: أنَّ العرب لا تَعقِل في لغاتها العودَ إلى الشَّيء إلا فعلَ مثلِه مرَّةً ثانيةً.

قالوا: وهذا كتاب الله وكلام رسوله وكلام العرب بيننا وبينكم. قال تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [الأنعام: ٢٨]، فهذا نظير الآية سواءٌ في أنَّه عدَّى (١) فعلَ العود باللَّام، وهو إتيانهم مرَّةً ثانيةً بمثل ما أَتَوا به أوَّلًا. وقال تعالى: {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا} [الإسراء: ٨]، أي إن كرَّرتم الذَّنب كرَّرنا العقوبة. ومنه قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [المجادلة: ٨]، وهذا في سورة الظِّهار نفسها، وهو يبيِّن المراد من العود فيه، فإنَّه نظيره فعلًا وأداةً (٢)، والعهد قريبٌ بذكره.

قالوا: وأيضًا، فالَّذي قالوه هو لفظ الظِّهار، فالعود إلى القول هو الإتيان به مرَّةً ثانيةً، لا تَعقِلُ العرب غير هذا.

قالوا: وأيضًا، فما عدا تكرار اللَّفظ إمَّا إمساكٌ وإمَّا عزمٌ وإمَّا فعلٌ، وليس واحدٌ منها بقولٍ، فلا يكون الإتيان به عَودًا، لا لفظًا ولا معنًى، ولأنَّ العزم والوطء والإمساك ليس ظهارًا، فيكون الإتيان بها عَودًا إلى الظِّهار.

قالوا: ولو أريد بالعود الرُّجوعُ في الشَّيء الذي منعَ منه نفسَه كما يقال: عاد في الهبة، لقال: ثمَّ يعودون (٣) فيما قالوا، كما في الحديث: «العائدُ في هبتِه


(١) م، ح: «عدّ من».
(٢) في المطبوع: «وإرادة» خلاف النسخ. وهو خطأ، والمقصود ذكر فعل العود مع صلته بحرف اللام في الموضعين.
(٣) م: «يعود».