للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وفي هذه الغزاة احتلم أميرُ الجيش عمرو بن العاص، وكانت ليلةً باردةً فخاف على نفسه من الماء فتيمَّم وصلَّى بأصحابه الصبح، فذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «يا عمرو، صليت بأصحابك وأنت جنب؟» فأخبره بالذي منعه من الاغتسال، وقال: إني سمعت الله يقول: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: ٢٩]، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يقل شيئًا (١).

وقد احتج بهذه القصة مَن قال: إن التيمم لا يرفع الحدث؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمَّاه جنبًا بعد تيمُّمِه، وأجاب مَن نازعهم في ذلك بثلاثة أجوبة:

أحدها: أن الصحابة لما شَكَوه قالوا: صلى بنا الصبح وهو جنب، فسأله النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك وقال: «صليت بأصحابك وأنت جنب؟» استفهامًا واستعلامًا، فلما أخبره بعذره وأنه تيمم للحاجة أقرَّه على ذلك.

الثاني: أن الرواية اختلفت عنه، فروي عنه فيها أنه غسل مغابِنه (٢)


(١) أخرجه أبو داود (٣٣٤) والدارقطني (٦٨١) والحاكم (١/ ١٧٧) من طريق جرير بن حازم عن يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير عن عمرو بن العاص.
والحديث في إسناده ومتنه خلاف كما سيأتي، ولعله لذا علّقه البخاري بصيغة التمريض في «صحيحه» (كتاب التيمم، باب إذا خاف على نفسه المرض أو الموت أو خاف العطش تيمم)، لكن الحافظ يقول: علّقه لكونه اختصره، وإسناده قوي. «الفتح» (١/ ٤٥٤).
(٢) جمع المَغْبِن، وهو الإبط وأصول الفخذين وما أطاف بذلك المكان، من «غَبَن الثوب» إذا عطفه، فهي معاطف الجلد. والمراد هنا: الفرج وما حوله من باطن الفخذين.