للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قتلوا ومَثَّلوا بهم ونالوا منهم من (١) نالوه؟ فقال: لولا عَفْوُه عنهم لاستأصلهم، ولكن بعفوه دفع عنهم عدوَّهم بعد أن كانوا مُجمعين (٢) على استئصالهم (٣).

ثم ذكَّرهم بحالهم وقت الفرار مُصْعِدين أي جادِّين في الهرب والذهاب في الأرض، أو صاعدين في الجبل، لا يلوون على (٤) نبيهم ولا أصحابهم، والرسول يدعوهم في أخراهم: «إليَّ عبادَ الله! أنا رسول الله!» (٥).

فأثابهم بهذا الهرب والفرار غمًّا بعد غم: غمَّ الهزيمة والكسرة، وغمَّ صرخة الشيطان فيهم (٦) بأن محمدًا قد قتل.

وقيل: جازاكم غمًّا بما غممتم رسولَه بفراركم عنه وأسلمتموه إلى عدوِّه، فالغم الذي حصل لكم جزاءً على الغم الذي أوقعتموه بنبيِّه (٧).

والقول الأول أظهر لوجوه:

أحدها: أن قوله: {لِكَيْلَا تَحْزَنُوا (٨) عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا


(١) ث، ن، المطبوع: «ما».
(٢) م، ق، ث، ع: «مجتمعين».
(٣) أخرجه الطبري (٦/ ١٤٤).
(٤) زيد في المطبوع بعده: «أحد مِن» خلافًا للأصول.
(٥) روي نحوه عن ابن عباس والسدِّي والحسن وقتادة والربيع بن أنس. انظر: «تفسير الطبري» (٦/ ١٤٧ - ١٤٩) و «تفسير ابن أبي حاتم» (٣/ ٧٩٠).
(٦) «فيهم» سقط من م، ق، ث.
(٧) وهو قول الزجاج في «معاني القرآن» (١/ ٤٧٩). وانظر: «زاد المسير» (١/ ٤٧٨).
(٨) في الأصول: {تَأْسَوْا}، وهو وهم أو سبق قلم عن انتقال الذهن إلى آية سورة الحديد: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} [٢٣].