للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ألفٍ من الصحابة، واستعمل (١) ابنَ أمِّ مكتوم على الصلاة بمن بقي في المدينة.

وكان رسول الله رأى رؤيا وهو بالمدينة، رأى أن في سيفه ثُلمةً، ورأى أن بقرًا تُذبَح، وأنه أدخل يدَه في درعٍ حصينةٍ؛ فتأول الثلمة في سيفه برجلٍ يُصاب من أهل بيته، وتأول البقرَ بنفرٍ من أصحابه يُقتَلون، وتأول الدرعَ بالمدينة (٢).

فخرج يوم الجمعة، فلما صار بالشَّوط بين المدينة وأحدٍ انخزل عبدُ الله بن أُبي بنحو ثُلث العسكر وقال: يخالفني ويسمع من غيري! فتبعهم عبدُ الله بن عمرو بن حرام والدُ جابرٍ يُوبِّخهم ويحضُّهم على الرجوع ويقول: تعالوا قاتِلوا في سبيل الله أو ادفعوا، قالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون لم نرجِع! فرجع عنهم وسبَّهم.

وسأله قومٌ من الأنصار أن يستعينوا بحلفائهم من يهود فأبى (٣).


(١) زِيد بعده في م، ق، ب، ث: «على المدينة».
(٢) روي بنحوه في حديث جابر الذي سبق تخريجه آنفًا. وروي من حديث ابن عباس عند أحمد (٢٤٤٥) والحاكم (٢/ ١٢٩) وغيرهما بإسناد حسن. وذكره موسى بن عقبة وابن إسحاق في مغازيهما ــ كما في «الدلائل» (٣/ ٢٠٧، ٢٢٥) ــ بنحوه.

وهناك رؤيا أخرى أطول منها صحّت من حديث أبي موسى الأشعري عند البخاري (٣٦٢٢) ومسلم (٢٢٧٢)، والظاهر من سياقها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رآها بمكة، فكان تأويلها الهجرة إلى المدينة وما وقع ببدر وأحد والفتح.
(٣) ذكره ابن إسحاق عن الزهري كما في «سيرة ابن هشام» (٢/ ٦٤). وله شاهد من حديث أبي حميد الساعدي عند ابن سعد (٢/ ٤٥) وإسحاق بن راهويه ــ كما في «المطالب العالية» (٤٢٦٣) ــ والحاكم (٢/ ١٢٢)، قال الحافظ: إسناده حسن.