للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المواقف، فهم على تَلٍّ عالٍ والناس تحتهم (١)، فسبحان من يختصُّ برحمته من يشاء، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.

وأخبر سبحانه أنه فعل ذلك لئلا يكونَ للناس عليهم حجة، ولكن الظالمون الباغون يحتجُّون عليهم بتلك الحجج التي ذُكِرَت، ولا تُعارَض الرسل إلا بها وبأمثالها من الحجج الداحضة، وكلُّ من قدَّم على أقوال الرسول سواها فحجَّتُه من جنس حجج هؤلاء.

وأخبر سبحانه أنه فعل ذلك ليُتمَّ نعمتَه عليهم وليهديَهم، ثم ذكَّرهم نِعَمه عليهم بإرسال رسوله إليهم وإنزال كتابه عليهم ليزكِّيَهم به ويُعلِّمَهم الكتاب والحكمة ويعلِّمَهم ما لم يكونوا يعلمون. ثم أمرهم بذكره وشكره، إذ بهذين الأمرين يستوجبون إتمامَ نِعَمه والمزيدَ من كرامته، ويستجلبون ذِكْرَه لهم ومحبَّته لهم، ثم أمرهم بما لا يتم لهم ذلك إلا بالاستعانة به، وهو الصبر والصلاة، وأخبرهم (٢) أنه مع الصابرين.

فصل

وأتمَّ نعمته عليهم مع القبلة بأن شرع لهم الأذان في اليوم والليلة خمس مرات وزادهم في الظهر والعصر والعشاء ركعتين أُخرَيين بعد أن كانت ثنائيةً (٣)، وكل هذا كان بعد مَقدَمه المدينة.


(١) جاء ذلك في حديث كعب بن مالك عند أحمد (١٥٧٨٣) وابن حبان (٦٤٧٩) والحاكم (٢/ ٣٦٣)، وفي حديث جابر عند مسلم (١٩١/ ٣١٦) بمعناه.
(٢) م، ق، ب، ث: «وأخبر» دون ضمير النصب.
(٣) قالت عائشة: «فرض الله الصلاة حين فرضها ركعتين ركعتين في الحضر والسفر، فأُقِرَّت صلاة السفر وزِيد في صلاة الحضر». أخرجه البخاري (٣٥٠) ومسلم (٦٨٥).