للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

فكان (١) من هديه - صلى الله عليه وسلم -: فعلُ التَّداوي في نفسه، والأمرُ به لمن أصابه مرضٌ من أهله وأصحابه؛ ولكن لم يكن من هديه ولا هدي أصحابه استعمال هذه الأدوية المركَّبة الَّتي تسمَّى «أَقْراباذين» (٢)، بل كان غالب أدويتهم بالمفردات، وربَّما أضافوا إلى المفرد ما يعاونه أو يكسر سَورته. وهذا غالب طبِّ الأمم على اختلاف أجناسها من العرب والتُّرك وأهل البوادي قاطبةً، وإنَّما عُنِي بالمركَّبات الرُّومُ واليونانيُّون. وأكثرُ طبِّ الهند بالمفردات.

وقد اتَّفق الأطبَّاء على أنَّه متى أمكن التَّداوي بالغذاء لا يُعدَل إلى الدَّواء، ومتى أمكن بالبسيط لا يُعدَل إلى المركَّب (٣).

قالوا: وكلُّ داءٍ قدر على دفعه بالأغذية والحِمْية لم يحاول دفعه بالأدوية.

قالوا: ولا ينبغي للطَّبيب أن يُولَع بسقي الأدوية، فإنَّ الدَّواء إذا لم يجد في البدن داءً يحلِّله، أو وجد داءً لا يوافقه، أو وجد ما يوافقه فزادت كمِّيَّته عليه أو كيفيَّته= تشبَّث بالصِّحَّة، وعبِث بها. وأرباب التَّجارب من الأطبَّاء طبُّهم بالمفردات غالبًا، وهم أحد فِرَق الطِّبِّ الثَّلاث.


(١) ث، ل، حط، ن: «وكان».
(٢) ويقال: «أَقْرباذين» تخفيفًا، كما في طبعة عبد اللطيف وما بعدها. وهي كلمة يونانية. انظر تفسيرها في «القول الأصيل فيما في العربية من الدخيل» للدكتور ف. عبد الرحيم (ص ٢٨).
(٣) انظر: «لقط المنافع» لابن الجوزي (٢/ ٣٩).