للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يصلِّي على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك، ويدعو بما شاء. ويكون دعاؤه عقيب هذه العبادة الثانية، لا لكونه دبر الصلاة (١)؛

فإنَّ كلَّ من ذكر الله وحمده وأثنى عليه وصلَّى على رسوله - صلى الله عليه وسلم - استُحِبَّ له الدعاء عقيب ذلك، كما في حديث فَضالة بن عبيد (٢): «إذا صلَّى أحدكم فليبدأ بحمد الله والثناء عليه، ثم ليصلِّ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ثم ليدعُ بعدُ ما شاء»، قال الترمذي: حديث صحيح.

فصل

ثم كان - صلى الله عليه وسلم - يسلِّم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره كذلك (٣).

هذا كان فعله الرَّاتب رواه عنه خمسة عشر صحابيًّا، وهم (٤):


(١) نقل ابن حجر في «الفتح» (١١/ ١٣٣ - ١٣٤) كلام المؤلف من قوله: «وأما الدعاء بعد السلام» إلى هنا، وعقَّب عليه بقوله: «وما ادَّعاه من النفي مطلقًا مردود، فقد ثبت عن معاذ ... » ونقل أحاديث في الدعاء دبر كلِّ صلاة ثم قال: «فإن قيل: المراد بدبر كلِّ صلاة قرب آخرها وهو التشهد، قلنا: قد ورد الأمر بالذكر دبر كل صلاة، والمراد به بعد السلام إجماعًا، فكذا هذا حتى يثبت ما يخالفه». ثم قال: «وفهم كثير ممن لقيناه من الحنابلة أن مراد ابن القيم نفي الدعاء بعد الصلاة مطلقًا، وليس كذلك، فإن حاصل كلامه أنَّه نفاه بقيد استمرار استقبال المصلِّي القبلة وإيراده بعد السلام. وأما إذا انتقل بوجهه أو قدَّم الأذكار المشروعة فلا يمتنع عنده الإتيان بالدعاء حينئذ».

قلت: وفي كلام الحافظ نظر.
(٢) أخرجه أحمد (٣٤٧٧) وأبو داود (١٤٨١) والترمذي (٣٤٧٧) والنسائي في «المجتبى» (١٢٨٤) و «الكبرى» (١٢٠٨) والبيهقي (٢/ ١٤٧، ١٤٨)، صححه الترمذي وابن خزيمة (٧١٠، ٧٠٩) وابن حبان (١٩٦٠) والحاكم (١/ ٢٣٠).
(٣) أخرجه مسلم (٥٨٢، ٤٨١) من حديث سعد بن أبي وقاص و جابر بن سمرة.
(٤) ما عدا ق، ن: «منهم».