للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قوموا فانحروا ثم احلقوا»، قال: فوالله ما قام منهم رجل واحد حتى قال ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد قام فدخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا رسول الله، أتحب ذلك؟ اخرجْ ثم لا تكلِّمْ أحدًا (١) كلمةً حتى تنحر بُدنك وتدعوَ حالقك فيحلقك، فقام فخرج فلم يكلم أحدًا منهم حتى فعل ذلك: نحر بُدنه ودعا حالقه فحلقه، فلما رأى الناس ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضًا حتى كاد بعضهم يقتل بعضًا غمًّا.

ثم جاءه نسوة مؤمنات فأنزل الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} حتى بلغ {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠]، فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك، فتزوج إحداهما معاويةُ والأخرى صفوان بن أمية.

ثم رجع إلى المدينة وفي مرجعه أنزل الله عليه: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (٢) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا} [الفتح: ١ - ٣]، فقال عمر: أوَفتحٌ هو يا رسول الله؟ قال: «نعم» (٢). فقال الصحابة: هنيئًا لك يا رسول الله فما لنا؟ فأنزل الله عز وجل: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ} الآية [الفتح: ٤] (٣).


(١) بعده في ب، المطبوع: «منهم»، وليس في سائر الأصول، ولا في «الدلائل» والمؤلف صادر عنه.
(٢) هذا الخبر ليس في حديث المسور ومروان، وإنما أخرجه البخاري (٣١٨٢) ومسلم (١٧٨٥/ ٩٤) والبيهقي في «الدلائل» (٤/ ١٤٨) من حديث سهل بن حُنيف.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٢١/ ٢٤٠) والحاكم (٢/ ٤٦٠) من طرق عن قتادة عن أنس موصولًا، وهو معلول، والصواب أنه عن قتادة عن عكرمة مرسلًا كما جاء موضّحًا في رواية شعبة عنه عند أبي يعلى (٣٢٥٢) وأبي عوانة (٧٢٥٦). وانظر: «الفصل للوصل المدرج في النقل» (١/ ٤٦٠ - ٤٧٣).