للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فصل

قد أتينا على جُمَلٍ من هديه - صلى الله عليه وسلم - في المغازي والسِّيَر والبعوث والسرايا والرسل والكتب التي كتب بها إلى الملوك ونُوَّابهم. ونحن نُتبِع ذلك بذكر فصولٍ نافعةٍ في هديه في الطِّبِّ الذي تطبَّب به ووصَفه لغيره، ونبيِّن ما فيه من الحكمة الَّتي تعجز عقولُ أكثر الأطبَّاء عن الوصول إليها، وأنَّ نسبة طبِّهم إليها كنسبة طبِّ العجائز إلى طبِّهم؛ فنقول وبالله نستعين (١) ومنه نستمدُّ الحول والقوَّة:

المرض نوعان: مرض القلوب ومرض الأبدان، وهما مذكوران في القرآن.

ومرض القلوب نوعان: مرض شبهةٍ (٢) وشكٍّ، ومرض شهوةٍ وغيٍّ. وكلاهما في القرآن.

قال تعالى في مرض الشُّبهة: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} [البقرة: ١٠]. وقال تعالى: {الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ} [المدثر: ٣١]. وقال تعالى في حقِّ من دُعي إلى تحكيم القرآن والسُّنَّة، فأبى وأعرض: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (٤٨) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (٤٩) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [النور: ٤٨ - ٥٠]. فهذا مرض الشُّبهات والشُّكوك.

وأمَّا مرض الشَّهوات، فقال تعالى: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب: ٣٢]. فهذا


(١) ث، ن: «المستعان». وفي د: «التوفيق»، ولم يرد فيها: «ومنه نستمد الحول والقوة».
(٢) د: «بشبهة».