للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها: أنَّه لا يُجزِئه دفعُ الكفَّارة إلا إلى المساكين، ويدخل فيهم الفقراء كما يدخل المساكين في لفظ الفقراء عند الإطلاق، وعمَّم أصحابنا وغيرُهم الحكمَ في كلِّ من يأخذ من الزَّكاة لحاجته، وهم أربعةٌ: الفقراء، والمساكين، وابن السَّبيل، والغارم لمصلحته، والمكاتَب. وظاهر القرآن اختصاصها (١) بالمساكين، فلا يتعدَّاهم.

فصل

ومنها: أنَّ الله سبحانه أطلق الرَّقبة هاهنا ولم يُقيِّدها بالإيمان، وقيَّدها في كفَّارة القتل بالإيمان، فاختلف الفقهاء في اشتراط الإيمان في غير كفَّارة القتل على قولين: فشرَطَه الشَّافعيُّ ومالك وأحمد في ظاهر مذهبه، ولم يشترطه أبو حنيفة ولا أهل الظَّاهر. والَّذين لم يشترطوا الإيمان قالوا: لو كان شرطًا لبيَّنه الله سبحانه، كما بيَّنه في كفَّارة القتل، بل نُطلِق ما أطلقه، ونُقيِّد ما قيَّده، فنعمل بالمطلق والمقيَّد. وزادت الحنفيَّة أنَّ اشتراط الإيمان زيادةٌ على النَّصِّ، وهي نسخٌ، والقرآن لا يُنسَخ إلا بالقرآن أو خبرٍ متواترٍ.

قال الآخرون ــ واللَّفظ للشَّافعيِّ (٢) ــ: شرَطَ الله سبحانه في الرقبة في القتل مؤمنةً، كما شرط العدل في الشَّهادة، وأطلق الشُّهود في مواضع، فاستدللنا على أنَّ ما أُطلق على معنى ما شُرِط، وإنَّما ردَّ الله زكواتِ المسلمين على المسلمين لا على المشركين، وفرض الله الصَّدقاتِ، فلم تجز إلا لمؤمن، وكذلك ما فَرضَ من الرِّقاب لا يجوز إلا لمؤمن.


(١) د، ص: «اختصاصا».
(٢) كما في «مختصر المزني» (ص ٢٠٤) باختلاف يسير. وانظر: «الأم» (٦/ ٧٠٦).