للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وكان من هديه أنه إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمسُ أخَّر الظهرَ إلى وقت العصر، ثم نزل فجمع بينهما. فإن زالت الشمس قبل أن يرتحل صلّى الظهر، ثم ركب (١). وكان إذا أعجله السَّيرُ أخّر المغربَ حتى يجمع بينها وبين العشاء في وقت العشاء (٢).

وقد روي عنه في غزوة تبوك أنه كان (٣) إذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل جمع بين الظهر والعصر، وإن ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخَّر الظهرَ حتى ينزل للعصر، فيصلِّيهما جميعًا. وكذلك في المغرب والعشاء. لكن اختُلِف في هذا الحديث: فمِن مصحِّحٍ له، ومن محسِّنٍ، ومن قادحٍ فيه وجعَلَه موضوعًا كالحاكم. وإسنادُه على شرط «الصحيح»، لكن رُمِي بعلَّة عجيبة. قال الحاكم (٤):

ثنا


(١) أخرجه البخاري (١١١١، ١١١٢) ومسلم (٧٠٤) من حديث أنس بن مالك.
(٢) أخرجه البخاري (١٠٩١، ١٠٩٢) من حديث عبد الله بن عمر.
(٣) ص: «وقد روي أنه في غزوة تبوك كان».
(٤) في «معرفة علوم الحديث» (ص ٣٩٥ - النوع الثامن العشرون). وأخرجه أيضًا أحمد (٢٢٠٩٤) وأبو داود (١٢٢٠) والترمذي (٥٥٣) وابن حبان (١٤٥٨، ١٥٩٣) والدارقطني (١٤٦٤، ١٤٦٥) والبيهقي (٣/ ١٦٣)، كلهم من طريق قتيبة بن سعيد عن الليث به.

قال أبو داود فيما نقله عنه الحافظ في «التلخيص الحبير» (٣/ ٩٧٤): «هذا حديث منكر، وليس في جمع التقديم حديث قائم». وقال الترمذي: «حديث معاذ حديث حسن غريب، تفرّد به قتيبة، لا نعرف أحدًا رواه عن الليث غيرُه، وحديث الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل عن معاذ حديث غريب، والمعروف عند أهل العلم حديث معاذ من حديث أبي الزبير عن أبي الطفيل عن معاذ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع في غزوة تبوك بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء. رواه قُرَّة بن خالد وسفيان الثوري ومالك وغير واحدٍ عن أبي الزبير المكي». قلتُ: الرواية المحفوظة التي أشار إليها الترمذي أخرجها مالك في «الموطأ» (٣٨٣) وأحمد (٢١٩٩٧، ٢٢٠١٢، ٢٢٠٣٦) ومسلم (٧٠٦) من طرق عن أبي الزبير به، وليس فيها التفصيل في جمع التقديم والتأخير الذي في حديث قتيبة هذا.