للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تطوفي بالبيت» (١).

وقد تنازع العلماء في قصَّة عائشة: هل كانت متمتِّعةً أو مفردةً؟ وإذا كانت متمتِّعةً فهل رفضتْ عمرتها وانتقلتْ إلى الإفراد، أو أدخلتْ عليها الحجَّ وصارت قارنةً؟ وهل العمرة الَّتي أتت بها من التَّنعيم كانت واجبةً أم لا؟ وإذا لم تكن واجبةً فهل هي مجزئةٌ عن عمرة الإسلام أم لا؟ واختلفوا أيضًا في موضع حيضها، وموضع طهرها، ونحن نذكر البيان الشَّافي في ذلك بحول الله وتوفيقه.

واختلف الفقهاء في مسألةٍ مبنيَّةٍ على قصَّة عائشة، وهي أنَّ المرأة إذا أحرمت بالعمرة، فحاضت ولم يمكنها الطَّواف قبل التَّعريف، فهل ترفض الإحرام بالعمرة وتُهلُّ بالحجِّ مفردًا، أو تُدخِل الحجَّ على العمرة وتصير قارنةً؟ فقال بالقول الأوَّل فقهاء الكوفة، منهم أبو حنيفة وأصحابه، وبالثَّاني: فقهاء الحجاز، منهم: الشَّافعيُّ ومالك، وهو مذهب أهل الحديث كالإمام أحمد وأتباعه.

قال الكوفيُّون: ثبت في «الصَّحيحين» (٢) عن عروة عن عائشة أنَّها قالت: أهللنا بعمرةٍ، فقدمتُ مكَّة وأنا حائضٌ، لم أطف بالبيت ولا بين الصَّفا والمروة، فشكوتُ ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «انقُضي رأسك وامتشطي، وأهلِّي بالحجِّ، ودَعي العمرة». قالت: ففعلتُ. فلمَّا قضينا الحجَّ أرسلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع عبد الرَّحمن بن أبي بكرٍ إلى التَّنعيم، فاعتمرت


(١) رواه البخاري (٣٠٥) ومسلم (١٢١١/ ١٢٠).
(٢) رواه البخاري (١٥٥٦) ومسلم (١٢١١/ ١١١).