للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رجلان من بني كلاب فنزلا معه، فلما ناما فتك بهما عمرو وهو يرى أنه قد أصاب ثأرًا من أصحابه، وإذا معهما عهد من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يشعر به، فلما قَدِم أخبر رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بما فعل، فقال: «لقد قتلتَ قتيلين لأَدِيَنَّهما» (١).

فكان هذا سببَ غزوة بني النضير، فإنه خرج إليهم ليعينوه في ديتهما لِما بينه وبينهما (٢) من الحِلف، فقالوا: نعم، وجلس هو وأبو بكر وعمر وعليٌّ وطائفة من أصحابه، فاجتمع اليهود وتشاوروا وقالوا (٣): من رجل يلقي هذا الرَّحى على محمد فيقتله؟ فانبعث أشقاها عمرو بن جحاش لعنه الله، ونزل جبريلُ من عند رب العالمين على رسوله يُعْلمه بما همُّوا به، فنهض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من وقته راجعًا إلى المدينة، ثم تجهَّز وخرج بنفسه لحربهم، فحاصرهم ستَّ ليال (٤)، واستعمل على المدينة ابنَ أم مكتوم، وذلك في ربيع الأول (٥).


(١) أسند الخبر بطوله ابن إسحاق ــ كما في «سيرة ابن هشام» (٢/ ١٨٣) و «الدلائل» (٣/ ٣٣٨) ــ عن أبيه عن المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث، وعن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وعن غيرهما من أهل العلم مرسلًا. وانظر الخبر عند موسى بن عقبة في «الدلائل» (٣/ ٣٤١)، والواقدي في «مغازيه» (١/ ٣٤٦). وقد أخرجه البخاري (٢٨٠١، ٤٠٩١) ومسلم (٦٧٧/ ١٤٧ - ج ٣/ ١٥١١) من حديث أنس مختصرًا.
(٢) كذا في عامة الأصول، أي: بينه وبين العامريَّين. وفي ن، النسخ المطبوعة: «وبينهم»، أي: بينه وبين اليهود، وله وجه.
(٣) «وقالوا» ساقط من ص، ز، د.
(٤) كذا قال ابن هشام في «السيرة» (٢/ ١٩١). وخالفه الواقدي (١/ ٣٧٤) وابن سعد (٢/ ٥٤) فذكرا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حاصرهم خمسة عشر يومًا.
(٥) وقد سبق (ص ١٥٠ - ١٥٣) خبر بني النضير بأطول مما هنا.