للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تكفِّنونه، قالوا: ومَن هو؟ قلت: أبو ذر، قالوا: صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: نعم، ففدَّوه بآبائهم وأمهاتهم وأسرعوا إليه حتى دخلوا عليه، فقال لهم: أبشروا فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لنفر أنا فيهم: «ليموتَنَّ رجل منكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين»، وليس من أولئك النفر رجل إلا وقد هلك في جماعة، والله ما كَذَبت ولا كُذِبت، وإنه لو كان عندي ثوب يسعني كفنًا لي ولامرأتي (١) لم أكفَّن إلا في ثوب هو لي ولها، فإني أنشدكم الله أن يكفِّنَني (٢) رجلٌ منكم كان أميرًا أو عريفًا أو بريدًا أو نقيبًا، وليس من أولئك النفر أحدٌ إلا وقد قارف بعضَ ما قال إلا فتًى من الأنصار قال: أنا يا عمُّ، أكفنك في ردائي هذا وفي ثوبين من عَيبتي مِن غزل أمي، قال: أنت فكفِّنِّي، فكفَّنه الأنصاري وقاموا عليه ودفنوه في نفرٍ كلُّهم يمانٍ.

رجعنا إلى قصة تبوك: وقد كان رهط من المنافقين ــ منهم وديعة بن ثابت أخو بني عمرو بن عوف، ومنهم رجل من أشجعَ حليفٌ لبني سلمة يقال له:


(١) كذا في الأصول، وفي مصادر التخريج: «أو لامرأتي»، وفي الموضع الآتي: «أو لهما»، والمعنى عليه.
(٢) النسخ المطبوعة: «أن لا يكفنني»، والمثبت من الأصول موافق للفظ ابن حبان في هذا الموضع، وكذا هو في «مستدرك الحاكم» حسب نسخه الخطية التي وقفت عليها ومطبوعة دار التأصيل المحققة (٦/ ١٠٩)، ومن طريقه في «دلائل النبوة»، وبنحوه عند البزار وأبي نعيم. ولفظ ابن حبان في الموضع الآخر: «أن لا يكفنني»، وكذا في الطبعة الهندية من «المستدرك» ولا إخاله إلَّا إقحامًا فيها.
هذا، ومقصود أبي ذر واضح من اللفظ المثبت، وهو أسلوب عربي فصيح يُراد به التحريج والنهي. انظر: «الأضداد» لابن الأنباري (ص ٣١٠).