للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

في غزوة المُرَيسِيع (١)

وكانت في شعبان سنة خمس، وسببها: أنه بلغه - صلى الله عليه وسلم - أن الحارث بن أبي ضرار سيِّدَ بني المصطلق سار في قومه ومن قدر عليه من العرب يريدون حرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبعث بريدة بن الحصيب الأسلمي يعلم له ذلك، فأتاهم ولقي الحارث بن أبي ضرار وكلَّمه ورجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره خبرهم، فندب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناسَ فأسرعوا في الخروج، وخرج معه جماعة من المنافقين لم يخرجوا في غزاة مثلها، واستعمل على المدينة زيد بن حارثة، وقيل: أبا ذر، وقيل: نميلة بن عبد الله الليثي.

وخرج يوم الاثنين لليلتين خلتا من شعبان، وبلغ الحارثَ بن أبي ضرار ومن معه مسيرُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقَتْلُه عينَه الذي كان وجَّهه ليأتيه بخبره وخبر المسلمين، فخافوا خوفًا شديدًا وتفرَّق عنهم من كان معهم من العرب، وانتهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المُريسيع ــ وهو مكان الماء ــ فاضطرب (٢) عليه قُبَّتَه ومعه عائشة وأم سلمة، فتهيَّؤُوا للقتال.

وصفَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه، ورايةُ المهاجرين مع أبي بكر الصديق


(١) وتُعرف أيضًا بغزوة بني المصطلق.
(٢) المطبوع: «ضرب». والمثبت من الأصول موافق لما في «السيرة» للدمياطي (ق ٨٦) ــ والمؤلف صادر عنه ــ، ولما في أصول «طبقات ابن سعد» (٢/ ٦٠) على ما ذكره محققه في الهامش. ومعنى «اضطرب»: ضرب، أو أمر أن يُضرَب له. انظر: «تاج العروس» (٣/ ٢٤٨). وروي في قصة الحديبية (كما سيأتي ص ٣٥٩) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان «يصلي في الحرم وهو مُضطَرِب في الحِلِّ»، أي ضارب خيمته فيه.