للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خائف من السيف. فنزلنا ناحيةً من المدينة، ثم خرجنا نؤمُّ المسجد حتى انتهينا إلى بابه، فنجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي على جنازةٍ في المسجد، فقمنا ناحيةً ولم ندخل مع الناس في صلاتهم حتى نلقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونبايعه، ثم انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنظر إلينا فدعا بنا فقال: «من أنتم؟» فقلنا: من بني سعدِ هُذَيمٍ، فقال: «أمسلمون أنتم؟» قلنا: نعم.

قال: «فهلَّا صليتم على أخيكم؟» قلنا: يا رسول الله، ظننا أن ذلك لا يجوز لنا حتى نبايعك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أينما أسلمتم فأنتم مسلمون»، قال: فأسلمنا وبايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الإسلام ثم انصرفنا إلى رحالنا وقد كُنَّا خلَّفنا عليها أصغرنا، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طلبنا فأُتي بنا إليه، فتقدم صاحبنا فبايعه على الإسلام، فقلنا: يا رسول الله، إنه أصغرنا وإنه خادمنا، فقال: «أصغر القوم خادمهم، بارك الله عليه»، قال: فكان واللهِ خيرَنا وأقرأنا للقرآن لدعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له، ثم أمَّره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علينا فكان يؤمنا، ولما أردنا الانصراف أمر بلالًا فأجازنا بأواقيَ من فضةٍ لكلِّ رجل منا، فرجعنا إلى قومنا فرزقهم الله الإسلام.

فصل

في قدوم وفد بني فَزارة

قال أبو الربيع بن سالم في كتاب «الاكتفاء» (١):

ولما رجع رسول الله


(١) هو الحافظ سليمان بن موسى بن سالم الكَلاعي الأندلُسي البَلَنْسي (ت ٦٣٤) في كتاب «الاكتفاء في مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء» (١: ٢/ ٣٣٥)، والمؤلف صادر عن «عيون الأثر» (٢/ ٢٤٩).

والخبر بتمامه عند البيهقي في «الدلائل» (٦/ ١٤٣) بإسناده عن أبي وجزة السعدي ــ وهو من صغار التابعين ــ مرسلًا. وأخرجه أيضًا ابن سعد (١/ ٢٥٧، ٦/ ١٨٢) عن أبي وجزة بنحوه مختصرًا. ولبعض جمله شواهد يأتي ذكرها في موضعها.