للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

في غزوة تبوك

وكانت في شهر رجب سنة تسع.

قال ابن إسحاق (١): وكانت في زمن عُسرةٍ من الناس وجدبٍ من البلاد، وحين طابت الثمار، فالناس يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم ويكرهون شخوصهم على تلك الحال.

وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلما يخرج في غزوة إلا كنَّى عنها وورَّى بغيرها إلا ما كان من غزوة تبوك لبعد الشُّقَّة وشدة الزمان (٢).

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يومٍ وهو في جَهازه للجَدِّ بن قيس أحدِ بني سلمة: «يا جَدُّ، هل لك العام في جِلاد بني الأصفر؟» فقال: يا رسول الله، أو تأذن لي ولا تفتنِّي، فوالله لقد عرف قومي أنه ما من رجل بأشد عُجبًا بالنساء مني، وإني أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر أن لا أصبر، فأعرض عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: «قد أذنتُ لك» ففيه نزلت: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي} [التوبة: ٤٩] (٣).


(١) كما في «عيون الأثر» (٢/ ٢١٥). وابن إسحاق يروي خبر الغزوة عن شيوخه من التابعين: الزهري، ويزيد بن رومان، وعبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، وعاصم بن عمر بن قتادة، وغيرهم؛ كما في «سيرة ابن هشام» (٢/ ٥١٦).
(٢) له شاهد من حديث كعب بن مالك عند البخاري (٢٩٤٨) ومسلم (٢٧٦٩/ ٥٤).
(٣) له شاهد من مرسل مجاهد بإسناد صحيح عند الطبري في «تفسيره» (١١/ ٤٩١)، وآخر من حديث ابن عباس عند الطبري (١١/ ٤٩٢) والطبراني في «الكبير» (١٢/ ١٢٢) وأبي نعيم في «معرفة الصحابة» (١٧٢٠) بإسنادين فيهما انقطاع.