للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والدَّعوات والتَّوجُّه إلى الله يفعل ما لا يناله علاج الأطبَّاء، وأنَّ تأثيرَه وفعلَه وتأثُّرَ الطَّبيعة عنه وانفعالَها أعظمُ من تأثير الأدوية البدنيَّة وانفعال الطَّبيعة عنها. وقد جرَّبنا هذا مرارًا نحن وغيرنا، وعقلاءُ الأطبَّاء معترفون بأنَّ في فعلِ القوى النَّفسيَّة وانفعالاتها في شفاء الأمراض عجائب. وما على الصِّناعة الطِّبِّيَّة أضرُّ من زنادقة القوم وسَفِلتهم وجهَّالهم.

والظَّاهر: أنَّ صرع هذه المرأة كان من هذا النَّوع. ويجوز أن يكون من جهة الأرواح، ويكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد خيَّرها بين الصَّبر على ذلك مع الجنَّة، وبين الدُّعاء لها بالشِّفاء، فاختارت الصَّبر والسَّتر. والله أعلم.

فصل

في هديه - صلى الله عليه وسلم - في علاج عِرق النَّسا (١)

روى ابن ماجه في «سننه» (٢) من حديث محمَّد بن سيرين (٣) عن


(١) كتاب الحموي (ص ١٣٥ - ١٣٦).
(٢) برقم (٣٤٦٣). وأخرجه أيضًا أحمد (١٣٢٩٥)، والبزَّار (٦٧٩٧، ٦٧٩٨)، والطَّبراني في «الأوسط» (٢٠٦٧). واختُلف فيه على ابن سيرين. وصحَّحه الحاكم (٢/ ٢٩٣، ٤/ ٢٠٦، ٤٠٨)، والضياء في «المختارة» (١٥٥٤ - ١٥٥٦)، والبوصيريُّ في «المصباح» (٤/ ٦٠)، وهو في «السلسلة الصحيحة» (١٨٩٩). وينظر: «العلل» لابن أبي حاتم (٢٢٦٤، ٢٥٣٦)، وللدَّارقطني (٢٣٤٠). وفي الباب عن ابن عبَّاس وعبد الله بن عمرو - رضي الله عنهم -.
(٣) كذا في جميع النسخ الخطية والمطبوعة، وهو وهم، والصواب: «أنس بن سيرين». ومنشأ الوهم أن في مصدر المصنف: «ابن سيرين»، فأراد أن يذكر اسمه فخُيِّل إليه أنه محمد أخو أنس. انظر مثل هذا الوهم في «أعلام الموقعين» (١/ ١١٧، ١٢٤، ١٥٨، ١٨٢).