للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله، إن بنيَّ هؤلاء يمنعوني أن أخرج معك، ووالله إني لأرجو أن أستشهد فأطأ بِعَرْجتي هذه في الجنة، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أمَّا أنت فقد وضع الله عنك الجهاد»، وقال لبنيه: «وما عليكم أن تدعوه لعل الله عز وجل يرزقه (١) الشهادة» فخرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقُتِل يوم أحد شهيدًا (٢).

وانتهى أنس بن النضر إلى عمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد الله في رجال من المهاجرين والأنصار قد ألقَوا بأيديهم، فقال: ما يجلسكم؟ فقالوا: قُتِل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فما تصنعون بالحياة بعدَه؟ فقوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم استقبل القوم فقاتل حتى قُتِل (٣).

وأقبل أُبيُّ بن خلفٍ عدوُّ الله وهو مُقنَّع في الحديد يقول: لا نجوتُ إن نجا محمد، وكان حلف بمكة أن يقتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاستقبله مصعبُ بن عميرٍ فقُتِل مصعب، وأبصر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - تَرقُوةَ أُبيِّ بن خلفٍ من فُرجةٍ بين سابغة الدرع والبيضة فطعنه بحربته فوقع عن فرسه، فاحتمله أصحابه وهو يَخُور خُوارَ الثور، فقالوا: ما أجزعك؟ إنما هو خدش، فذكر لهم قولَ النبي


(١) ز: «أن يرزقه». ص، د، ع: «لعل الله عز وجل يرزقه الله».
(٢) أسنده ابن إسحاق ــ ومن طريقه ابن هشام (٢/ ٩١) والبيهقي في «الدلائل» (٣/ ٢٤٦) ــ عن أبيه عن أشياخ من بني سلمة (وهم رهط عمرو بن الجموح). ولبعضه شاهد من حديث أبي قتادة الأنصاري عند أحمد (٢٢٥٥٣) بإسناد حسن، وآخر من حديث جابر عند ابن حبان (٧٠٢٤) بإسناد حسن أيضًا.
(٣) أسنده ابن إسحاق ــ كما في «سيرة ابن هشام» (٢/ ٨٣) ــ فقال: وحدثني القاسم بن عبد الرحمن بن رافع أخو بني عدي بن النجار (وهم رهط أنس بن النضر) قال: (فذكره بمثله). وقد سبق أن ذكر المؤلف خبره (ص ٢٤١) من وجهٍ آخر.