للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسعودٍ، ومذهب إمامَي أهلِ الأرض في زمانهما أحمد بن حنبلٍ وإسحاق بن راهويه. وعليه يدلُّ القرآن بألطف إيماءٍ وأحسنِه، فإنَّ الله سبحانه جعل عيسى من ذرِّيَّة إبراهيم بواسطة مريم أمِّه، وهي من صميم ذرِّيَّة إبراهيم. وسيأتي مزيدُ تقريرٍ لهذا عند ذكر أقضية النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأحكامه في الفرائض إن شاء الله تعالى.

فإن قيل: فما تصنعون بقوله في حديث سهل الذي رواه مسلم في «صحيحه» (١) في قصَّة اللِّعان، وفي آخره: ثمَّ جَرتِ السُّنَّة أن يَرِثَ منها وتَرِثَ منه ما فرض الله لها؟

قيل: نتلقَّاه بالقبول والتَّسليم والقول بموجَبه، وإن أمكن أن يكون مُدرجًا من كلام ابن شهابٍ، وهو الظَّاهر؛ فإنَّ تعصيب الأمِّ لا يُسقِط ما فرض الله لها من ولدها في كتابه، وغايتها أن تكون كالأب حيث يجتمع له الفرض والتَّعصيب، فهي تأخذ فرضها ولا بدَّ، فإن فضَلَ شيءٌ أخذتْه بالتَّعصيب، وإلَّا فازتْ (٢) بفرضها، فنحن قائلون بالآثار كلِّها في هذا الباب بحمد الله وتوفيقه.

فصل

الحكم الثَّامن: أنَّها لا تُرمى ولا يُرمى ولدها، ومن رماها أو ولدَها فعليه الحدُّ. وهذا لأنَّ لعانها نفى عنها تحقيقَ ما رُميت به، فيُحَدُّ قاذفُها وقاذفُ ولدها، هذا الذي دلَّت عليه السُّنَّة الصَّحيحة الصَّريحة، وهو قول جمهور


(١) برقم (١٤٩٢)، وكذا البخاري (٤٧٤٦، ٥٣٠٩).
(٢) م، ح: «فاءدت».