للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال مالك (١): ظننتُ أنَّه قال: في أوَّل يومٍ منهما، ثمَّ يرمون يوم النَّفر.

وقال ابن عيينة في هذا الحديث: «رخَّص للرعاء أن يرموا يومًا ويَدَعوا يومًا» (٢).

فيجوز للطَّائفتين بالسُّنَّة تركُ المبيت بمنًى، وأمَّا الرَّمي فإنَّهم لا يتركونه، بل لهم أن يؤخِّروه إلى اللَّيل فيرمون فيه، ولهم أن يجمعوا رميَ يومين في يومٍ. وإذا كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قد رخَّص لأهل السِّقاية وللرِّعاء في البيتوتة، فمن له مالٌ يخاف ضياعه، أو مريضٌ يخاف من تخلُّفِه عنه، أو كان مريضًا لا يُمكِنه البيتوتة، سقطت عنه بتنبيه النصِّ على هؤلاء، والله أعلم.

فصل

ولم يتعجَّل - صلى الله عليه وسلم - في يومين، بل تأخَّر حتَّى أكمل رمي أيَّام التَّشريق الثَّلاثة، وأفاض يوم الثُّلاثاء بعد الظُّهر إلى المحصَّب، وهو الأبطح، وهو خَيْف بني كنانة، فوجد أبا رافع قد ضرب قُبَّتَه (٣) هناك ــ وكان على ثَقَلِه ــ توفيقًا من الله عزَّ وجلَّ دون أن يأمره به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فصلَّى به الظُّهر والعصر والمغرب والعشاء، ورقدَ رقدةً (٤). ثمَّ نهض إلى مكَّة، فطاف للوداع


(١) انظر: «سنن الترمذي» (٩٥٥) و «التمهيد» (١٧/ ٢٥٨) و «الاستذكار» (٤/ ٣٥٤).
(٢) رواه أبو داود (١٩٧٦) والترمذي (٩٥٤) من حديث أبي البَدَّاح بن عاصم بن عدي عن أبيه. وصححه ابن حبان (٣٨٨٨) والألباني في «صحيح أبي داود - الأم» (٦/ ٢١٧).
(٣) في المطبوع: «ضرب له فيه قبة».
(٤) سيأتي تخريجه.