للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليلًا سَحَرًا، ولم يرمل في هذا الطَّواف، وأخبرته صفية أنَّها حائضٌ فقال: «أحابستُنا هي؟»، فقالوا له (١): إنَّها قد أفاضت، قال: «فلْتنفِرْ إذًا» (٢). ورغبت إليه عائشة تلك اللَّيلة أن يُعمِرها عمرةً مفردةً، فأخبرها أنَّ طوافها بالبيت وبالصَّفا والمروة قد أجزأ عن حجِّها وعمرتها، فأبتْ إلا أن تعتمر عمرةً مفردةً، فأمر أخاها (٣) أن يُعمِرها من التَّنعيم، ففرغتْ من عمرتها ليلًا، ثمَّ وافَت المحصَّبَ مع أخيها، فأتيا في جوف اللَّيل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فرغتما؟»، قالت: نعم، فنادى بالرَّحيل في أصحابه، فارتحل النَّاس، ثمَّ طاف بالبيت قبل صلاة الصُّبح. هذا لفظ البخاري (٤).

فإن قيل: كيف تجمعون بين هذا وبين حديث الأسود عنها الذي في «الصَّحيح» (٥) أيضًا؟ قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا نرى (٦) إلا الحجَّ ... فذكرت الحديث، وفيه: «فلمَّا كانت ليلة الحصبة قلت: يا رسول الله، يرجع النَّاس بحج وعمرةٍ وأرجع أنا بحجَّةٍ؟ قال: «أوما كنتِ طُفتِ لياليَ قدِمنا مكَّة؟»، قالت: قلت: لا. قال: «فاذهبي مع أخيك إلى التَّنعيم، فأهلِّي بعمرةٍ، ثمَّ موعدُكِ مكانُ كذا وكذا». قالت عائشة: فلقيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مُصعِدٌ من مكَّة، وأنا منهبطةٌ عليها، أو أنا مُصعِدةٌ وهو منهبطٌ منها».


(١) «له» ليست في ك.
(٢) رواه البخاري (٤٤٠١) ومسلم (١٢١١/ ٣٨٢) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(٣) بعدها في المطبوع: «عبد الرحمن». وليست في النسخ.
(٤) برقم (١٧٨٨).
(٥) رواه البخاري (١٥٦١) ومسلم (١٢١١/ ١٢٨).
(٦) في المطبوع: «ولم نر».