للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسماه بائسًا أن مات بمكة ودُفن بها بعد هجرته منها (١).

فصل

في هديه في الأرض المغنومة

ثبت عنه أنه قسم أرض بني (٢) قريظة وبني النضير وخيبر بين الغانمين.

وأما المدينةُ ففُتِحت بالقرآن وأسلم عليها أهلها فأُقِرَّت بحالها.

وأما مكةُ ففتحها عنوةً ولم يَقْسِمها، فأشكل على طائفة من العلماء الجمعُ بين فتحها عنوةً وتركِ قسمتها، فقالت طائفة: لأنها دار المناسك، وهي وقف على المسلمين كلِّهم وهم فيها سواء، فلا يمكن قسمتها. ثم مِن هؤلاء مَن منع بيعها وإجارتها، ومنهم من جوَّز بيع رباعها ومنع إجارتها.

والشافعي لمّا لم يجمع بين العَنْوة وبين عدمِ القسمة قال (٣): إنها فتحت صلحًا، فلذلك لم تُقسَم، قال: ولو فُتِحت عنوةً لكانت غنيمةً فتجب قسمتُها كما تجب قسمة الحيوان والمنقول. ولم يَرَ مَنْعَ بيعِ (٤) رباع مكة وإجارتها، واحتج بأنها مِلك لأربابها تُورَث عنهم وتُوهَب، وقد أضافها الله سبحانه إليهم إضافة الملك إلى مالكه (٥)، واشترى عمر بن الخطاب دارًا من


(١) أخرجه البخاري (١٢٩٥) ومسلم (١٦٢٨) من حديث سعد بن أبي وقاص.
(٢) «بني» سقطت من م، ق، ب، ث.
(٣) م، ق، ب: «قالوا»، خطأ. وانظر لقول الشافعي: «الأم» (٩/ ٢٥٧ - ٢٦٠).
(٤) م، ق، ب، ث: «بأسًا ببيع».
(٥) وذلك في قوله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ} [الحشر: ٨]. وقد استدل الشافعي به وبالأدلة الآتية في مناظرته لإسحاق في هذه المسألة. انظر: «مناقب الشافعي» لابن أبي حاتم (ص ١٣٦) وللبيهقي (١/ ٢١٣) و «معرفة السنن والآثار» (٨/ ٢١٢ - ٢١٣).