للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولمّا جيء بحُيَي بن أخطب إلى بين يديه (١) ووقع بصره عليه قال: أما والله ما لمتُ نفسي في معاداتك، ولكن من يغالب الله يُغلَب، ثم قال: أيها الناس، لا بأس قَدَرُ الله وملحمة كتبت على بني إسرائيل، ثم جلس فضُرِبت عنقه.

واستوهب ثابتُ بن قيسٍ الزَّبِيرَ بن باطا وأهله وماله، فوهبهم له، فقال له ثابت: قد وهبك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لي، ووهب لي مالَك وأهلَك فهم لك، فقال له: سألتك بيدي عندك يا ثابت إلا ألحقتني بالأحبَّة، فضَرَب (٢) عنقه وألحقه بأحبَّته من اليهود (٣).

فهذا كله (٤) في يهود المدينة، وكانت غزوة كل طائفة منهم عَقِيبَ غزوةٍ من الغزوات الكبار، فغزوة بني قينقاع عَقِيبَ بدر، وغزوة بني النضير عقيب أُحُد، وغزوة بني قريظة عقيب الخندق.

وأما يهود خيبر فسيأتي ذكر قصتهم إن شاء الله تعالى.

فصل

وكان هديه أنه إذا صالح قومًا، فنقض بعضُهم عهدَه وصُلْحَه، وأقرهم الباقون ورَضُوا به= غزا الجميعَ وجعلهم كلَّهم ناقضين، كما فعل بقريظة والنضير وبني قينقاع، وكما فعل بأهل مكة. فهذه سنته في أهل العهد، وعلى


(١) أي بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(٢) م، ق، ب، ث: «فضُربت».
(٣) خبر نزول قريظة على حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكره ابن إسحاق ــ كما في ابن هشام (٢/ ٢٣٩ - ٢٤٢) و «تفسير الطبري» (١٩/ ٧٤ - ٧٩) ــ مطولًا بنحوه، بعضه من مرسل معبد بن كعب ابن مالك وبعضه من مرسل علقمة بن وقاص، وقصة ثابت الأخيرة عنده من مرسل الزهري. والخبر ذكره أيضًا الواقدي (٢/ ٥١٠ - ٥٢٠) عن شيوخه مطولًا بنحوه.
(٤) م، ق، ب، ث: «حكمه».