للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اعتمر في حجَّته وهي إحدى عُمَره الأربع.

فصل

وأمَّا من قال: إنَّه اعتمر عمرةً حلَّ منها، كما قاله القاضي أبو يعلى ومن وافقه، فعذرهم أنه صحَّ عن ابن عمر وعائشة وعمران بن حصينٍ وغيرهم أنَّه - صلى الله عليه وسلم - تمتَّع. وهذا يحتمل أنَّه تمتُّعٌ حلَّ منه، ويحتمل أنَّه لم يحلَّ، فلمَّا أخبر معاوية أنَّه قصَّر عن رأسه بمِشْقَصٍ على المروة، وحديثه في «الصَّحيحين» (١)، دلَّ على أنَّه حلَّ من إحرامه. ولا يمكن أن يكون هذا في غير حجَّة الوداع؛ لأنَّ معاوية إنَّما أسلم بعد الفتح، والنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لم يكن زمنَ الفتح محرمًا، ولا يمكن أن يكون في عمرة الجعرانة لوجهين، أحدهما: أنَّ في بعض ألفاظ «الصَّحيح» (٢): «وذلك في حجَّته». الثَّاني: أنَّ في رواية النَّسائي بإسنادٍ صحيحٍ (٣): «وذلك في أيَّام العشر»، وهذا إنَّما كان في حجَّته.

وحمل هؤلاء رواية من روى أنَّ المتعة كانت لهم (٤) خاصَّةً (٥) على أنَّ طائفةً منهم خُصُّوا بالتَّحلُّل من الإحرام مع سَوْق الهدي دون من ساق


(١) رواه البخاري (١٧٣٠) ومسلم (١٢٤٦/ ٢١٠).
(٢) بل عند أبي داود (١٨٠٣) والطبراني (١٩/ ٣٠٩).
(٣) برقم (٢٩٨٩)، والحديث شاذ بهذه الزيادة. انظر: «فتح الباري» (٣/ ٧١٥).
(٤) في المطبوع: «له»، خطأ.
(٥) أخرجه أحمد (١٥٨٥٣) وأبو داود (١٨٠٨) والنسائي (٢٨٠٨) وابن ماجه (٢٩٨٤) من حديث الحارث بن بلال عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله، فسخ الحج لنا خاصة أم للناس عامة؟ قال: «بل لنا خاصة». وإسناده ضعيف لجهالة حال الحارث بن بلال، فقد انفرد ربيعة بن أبي عبد الرحمن في رواية هذا الحديث عنه.