للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهديُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معلوم في المجاهد ومريد النسك، وأما من عداهما فلا واجب إلا ما أوجبه الله ورسوله أو أجمعت عليه الأمة.

فصل

وفيها: البيان الصريح بأن مكة فتحت عَنوةً كما ذهب إليه جمهور أهل العلم، ولا يعرف في ذلك خلاف إلا عن الشافعي وأحمد في أحد قوليه، وسياق القصة أوضح شاهدٍ لمن تأمَّله لقول الجمهور. ولمَّا استهجن أبو حامد الغزالي القولَ بأنها فتحت صلحًا حكى قولَ الشافعي أنها فتحت عنوةً في «وسيطه» (١) وقال: هذا مذهبه.

قال أصحاب الصلح: لو فتحت عَنوةً لقسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الغانمين، كما قسم خيبر وكما يقسم سائرَ الغنائم من المنقولات، فكان يُخمِّسها ويقسمها.

قالوا: ولما استأمن أبو سفيان لأهل مكة لما أسلم فأمَّنهم كان هذا عقدَ صلحٍ معهم.

قالوا: ولو فتحت عنوةً لملك الغانمون رِباعها ودورها، وكانوا أحقَّ بها من أهلها وجاز إخراجهم منها، فحيث لم يحكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها بهذا الحكم، بل لم يَرُدَّ على المهاجرين دورهم التي أُخرِجوا منها وهي بأيدي


(١) (٧/ ٤٢)، ولفظه: «وصحَّ عنده (أي: الشافعي) أن مكة فتحت عنوةً على معنى أنه - صلى الله عليه وسلم - دخلها مستعدًّا للقتال لو قوتل».