للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكرهوا ملاعنته، وحكَّمه شرحبيل فحكم عليهم حكمًا وكتب لهم كتابًا، ثم أقبل الوفد بالكتاب حتى دفعوه إلى الأسقف، فبينا الأسقف يقرؤه وبِشر (١) معه إذ (٢) كبَّت ببشر ناقته فتعَّسه فشهد الأسقف أنه نبي مرسل، فانصرف أبو علقمة نحوه يريد الإسلام، فقال الراهب: أنزلوني وإلا رميت نفسي من هذه الصومعة، فأنزلوه فانطلق الراهب بهديةٍ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، منها هذا البرد الذي يلبسه الخلفاء والقَعْب والعصا، وأقام الراهب بعد ذلك يسمع كيف ينزل الوحي والسنن والفرائض والحدود، وأبى اللهُ للراهب الإسلام فلم يُسلم، واستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الرجعة إلى قومه وقال: إن لي حاجةً ومعادًا إن شاء الله، فرجع إلى قومه فلم يَعُد حتى قُبِض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وإن الأسقف أبا الحارث أتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه السيد والعاقب ووجوه قومه، وأقاموا عنده يستمعون ما ينزل الله عليه، فكتب للأسقف هذا الكتاب ولأساقفةِ نجرانَ بعده: «بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد النبي للأسقف أبي الحارث وأساقفة نجران وكَهَنتِهم ورَهابِينهم (٣) وأهلِ بيَعهم ورقيقهم (٤)


(١) غير محرّر في عامّة الأصول يشبه «يسير» أو «بشير»، والمثبت من س، و «الدلائل».
(٢) في النسخ المطبوعة: «حتى» بدل «إذ» خلافًا للأصول ومصدر النقل.
(٣) الرَّهابين: جمع الرُّهبان إذا أريد به الواحد، فإن الرُّهبان قد يكون جمعًا للراهب وقد يكون واحدًا. وفي س، والنسخُ المطبوعة ومطبوعة «الدلائل»: «رُهبانهم». وفي د، ث، ن: «رهبانيتهم»، تصحيف.
(٤) كذا في الأصول و «الدلائل». وكُتب في هامش مخطوطة «الدلائل» (نسخة كوبريلي): «صوابه: ووَفْهِيَّتهم». وهو وجيه، فإن الوفهيَّة هي رُتبة «الوافِه» الذي هو قيِّم البيعة، وقد سبق بلفظ «الواقِه».