للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويَخرُجون من خيبر وأرضها بذراريِّهم ويخلُّون بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين ما كان لهم من مال وأرض، وعلى الصفراء والبيضاء والكُراع والحلقة إلا ثوبًا على ظهر إنسان، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وبرئت منكم ذمةُ الله وذمةُ رسوله إن كتمتموني شيئًا»، فصالحوه على ذلك.

قال حماد بن سلمة: أخبرنا عبيدُ الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاتل أهل خيبر حتى ألجأهم إلى قصرهم فغلب على الزرع والأرض والنخل، فصالحوه على أن يَجلُوا منها ولهم ما حملت ركابهم ولرسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصفراءُ والبيضاء، واشترط عليهم أن لا يكتموا ولا يغيِّبُوا شيئًا، فإن فعلوا فلا ذمةَ لهم ولا عهد، فغيَّبوا مَسْكًا فيه مال وحُليٌّ لحُيَيِّ بن أخطب ــ كان احتمله معه إلى خيبر حين أجليت النضير (١) ــ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمِّ حُيي بن أخطب: «ما فعل مَسْكُ حيي الذي جاء به من النضير؟» قال: أذهبته النفقاتُ والحروب، قال: «العهد قريب والمال أكثرُ من ذلك»، فدفعه رسول الله إلى الزُّبَير فمسَّه بعذاب ــ وقد كان قبل ذلك دخل خَربةً ــ فقال: قد رأيتُ حُيَيًّا يطوف في خَربةٍ هاهنا، فذهبوا فطافوا فوجدوا المسك في الخربة، فقتل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ابنَي أبي الحقيق، وأحدهما زوجُ صفيةَ بنتِ حيي بن أخطب، وسبى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - نساءَهم وذراريَّهم وقسم أموالهم بالنكث الذي نكثوا، وأراد أن يُجليهم منها فقالوا: يا محمد, دعنا نكون في هذه الأرض نصلحها ونقوم عليها فنحن أعلم بها منكم، ولم يكن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا لأصحابه غِلمانٌ يقومون عليها وكانوا لا يفرغون يقومون عليها،


(١) في الأصول عدا ب، س: «النظير»، وكذا في الموضع الآتي.