للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرابعة: أن يجاهدها على الصبر على مشاقِّ الدَّعوة إلى الله وأذى الخلق، ويتحمَّل ذلك كلَّه لله.

وإذا استكمل هذه المراتبَ الأربع صار من الربَّانيِّين، فإن السلف مُجْمِعون على أن العالم لا يستحق أن يسمَّى ربانيًّا حتى يعرف الحق ويعمل به ويعلِّمَه، فمن عَلِم وعَمِل وعلَّم فذاك يُدْعى عظيمًا في ملكوت السماء (١).

فصل

وأما جهاد الشيطان فمرتبتان:

إحداهما: جهاده على دفع ما يُلقي إلى العبد من الشبهات والشكوك القادحة في الإيمان.

والثانية (٢): جهاده على دفع ما يلقي إليه من الإرادات والشهوات.

فالجهاد الأول يكون بِعُدَّة اليقين، والثاني بعُدَّة الصَّبر (٣). قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ (٤) أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: ٢٤]، فأخبر أنَّ إمامة الدين إنما تُنال بالصبر واليقين، فالصبر يدفع الشهوات والإرادات، واليقين يدفع الشكوك والشبهات.


(١) أُثر هذا من كلام عيسى عليه السلام. أخرجه أحمد في «الزهد» (٣٣٠) والبيهقي في «شعب الإيمان» (١٦٦٠) والخطيب في «أخلاق الراوي» (١/ ٩٠) عن عبد العزيز بن ظبيان (لعله من صغار التابعين) قال: قال المسيح عليه السلام: «من تعلَّم وعمل وعلَّم ... » إلخ.
(٢) الواو ساقطة من ص، ز.
(٣) المطبوع: «بعدَه اليقين ... بعدَه الصبر»، تحريف.
(٤) في الأصول: «وجعلناهم»، سهو.