للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُنْزَلِينَ} [آل عمران: ١٢٤]، ثم وعدهم أنهم إن صبروا واتَّقَوا أمدَّهم بخمسة آلاف؛ فهذا من قولِ رسوله والإمدادُ الذي ببدرٍ من قوله تعالى، وهذا بخمسة آلاف وإمدادُ بدرٍ بألف، وهذا معلَّق على شرط وذاك مطلق، والقصة في سورة آل عمران هي قصة أُحُدٍ مستوفاةً مطولة وبَدْرٌ ذُكِرت فيها اعتراضًا، والقصة في سورة الأنفال قصة بدرٍ مستوفاةً مطولةً؛ فالسياق في آل عمران غير السياق في الأنفال.

يُوضِّح هذا أن قوله: {وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا} [آل عمران: ١٢٥] قد قال مجاهد: إنه يومُ أُحُدٍ (١)، وهذا يستلزم أن يكون الإمداد المذكور فيه؛ فلا يصحُّ قولُه: إن الإمداد بهذا القدر (٢) كان يومَ بدرٍ (٣)، وإتيانَهم من فورهم هذا يومَ أحد. والله أعلم.

فصل

وبات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي إلى جِذْمِ شجرةٍ هناك (٤)، وكانت ليلةَ


(١) أخرجه الطبري (٦/ ٣١) وابن أبي حاتم (٣/ ٧٥٣) بإسناد صحيح إليه.
(٢) ز، ع، ن، النسخ المطبوعة: «العدد».
(٣) كما نسبه إليه ابن الجوزي، ولعل منشأ وهمه أن الطبري (٦/ ٢٥) أسند عن مجاهد أنه قال: «لم تقاتل الملائكة إلا يوم بدر»، وليس فيه أن الإمداد المذكور في الآية كان يوم بدرٍ، ولكن لمّا ساق الطبري قوله مع أقوال القائلين بذلك، ظنّه ابن الجوزي منهم، وليس كذلك لأنه يتناقض مع ما صحّ عنه أن إتيانهم من فورهم كان يوم أحد.
(٤) «إلى جذم شجرة»، أي: إلى أصلها. وفي المطبوع: «جذع شجرة» خلافًا للأصول. والحديث أخرجه أحمد (١١٦١) والنسائي في «الكبرى» (٨٢٥) بإسناد جيّد عن عليٍّ قال: «لقد رأيتُنا ليلة بدرٍ وما منا إنسان إلا نائم، إلا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه كان يصلّي إلى شجرة ويدعو حتى أصبح».