للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وفيها: أن الرجل إذا نسب المسلم إلى النفاق أو الكفر متأولًا وغضبًا لله ورسوله ودينه لا لهواه وحظِّه فإنه لا يكفر بذلك، بل لا يأثم به، بل يثاب على نيته وقصده (١). وهذا بخلاف أهل الأهواء والبدع، فإنهم يُكفِّرون ويُبدِّعون لمخالفة أهوائهم ونحلهم، وهم أولى بذلك ممن كفروه وبدعوه.

فصل

وفيها: أن الكبيرة العظيمة مما دون الشرك قد تُكفَّر بالحسنة الكبيرة الماحية، كما وقع الجَسُّ من حاطبٍ مكفَّرًا بشهوده بدرًا؛ فإن ما اشتملت عليه هذه الحسنة العظيمة من المصلحة، وتضمَّنته من محبة الله لها ورضاه بها وفرحه بها ومباهاته لملائكته بفاعلها= أعظمُ مما اشتملت عليه سيئة الجس من المفسدة وتضمنته من بغض الله لها، فغلب الأقوى على الأضعف فأزاله وأبطل مقتضاه.

وهذه حكمة الله سبحانه في الصحة والمرض الناشئين من الحسنات والسيئات الموجِبتَين (٢) لصحة القلب ومرضه، وهي نظير حكمته تعالى في الصحة والمرض اللاحِقَين للبدن، فإنَّ الأقوى منهما يقهر المغلوب ويَصير الحكمُ له حتى يذهب أثر الأضعف؛ فهذه حكمته في خلقه وقضائه وتلك حكمته في شرعه وأمره.

وهذا كما أنه ثابت في محو السيئات بالحسنات لقوله تعالى: {إِنَّ


(١) وقد بوّب البخاري بذلك في كتاب الأدب فقال: «باب من لم يَرَ إكفار مَن قال ذلك متأولًا أو جاهلًا»، ثم أورد قصة حاطب معلَّقًا باختصار.
(٢) كذا في ف. وفي سائر الأصول: «الموجبين».