للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى الأجير، بمعنى أنَّه يحرم عليه الانتفاع بالأجر، ولهذا في الشَّريعة نظائر.

قال: ولا ينافي هذا نصُّ أحمد على كراهة نظارة كَرْم النَّصرانيِّ، فإنَّا ننهاه عن هذا الفعل وعن عوضه، ثمَّ نقضي له بكرائه.

قال: ولو لم نفعل هذا لكان في هذا منفعةٌ عظيمةٌ للعصاة، فإنَّ كلَّ من استأجروه على عملٍ يستعينون به على المعصية قد حصَّلوا غرضَهم منه، فإذا لم يعطوه شيئًا، ووجب أن يُردَّ عليهم ما أُخِذ منهم= كان ذلك أعظم العون لهم، وليسوا بأهلٍ أن يُعانوا على ذلك. بخلاف من سلَّم إليهم عملًا لا قيمةَ له بحالٍ، يعني كالزَّانية والمغنِّي والنَّائحة، فإنَّ هؤلاء لا يُقضى لهم بأجرة. ولو قبضوا منهم المال، فهل يلزمهم ردُّه عليهم، أم يتصدَّقون به؟ فقد تقدَّم الكلام مستوفًى في ذلك، وبيَّنَّا أنَّ الصَّواب أنَّه لا يلزمهم ردُّه، ولا يَطيبُ لهم أكلُه، والله الموفِّق للصَّواب.

فصل

الحكم الخامس: حُلوان الكاهن. قال أبو عمر بن عبد البرِّ (١): لا خلافَ في حُلوان الكاهن أنَّه ما يُعطاه على كهانته، وهو من أكل المال بالباطل. والحُلوان في أصل اللُّغة: العطيَّة، قال علقمة (٢):

فمَنْ رَجُلٌ (٣) أحلُوه رَحْلي وناقتي ... يُبلِّغ عنِّي الشِّعرَ إذْ ماتَ قائلُه

انتهى.


(١) في «الاستذكار» (٦/ ٤٢٩). وانظر: «التمهيد» (٨/ ٣٩٩).
(٢) «ديوانه» (ص ١٣١).
(٣) كذا في كتابي ابن عبد البر. ورواية الديوان وغيره من المصادر: «فمن راكبٌ».