للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصَّفا والمروة قد وقع عن حجّها (١) وعمرتها، فوجدَتْ (٢) في نفسها، إذ ترجع صواحباتها (٣) بحجٍّ وعمرةٍ مستقلتين، فإنَّهنَّ كنَّ متمتِّعاتٍ ولم يحِضْن ولم يقرِنَّ، وترجع هي بعمرةٍ في ضِمْنِ حجَّتها، فأمر أخاها أن يُعمِرها من التَّنعيم تطييبًا لقلبها، ولم يعتمر هو من التَّنعيم في تلك الحجَّة ولا أحدٌ ممَّن كان معه، وسيأتي مزيدُ تقريرٍ لهذا (٤) وبسطٍ له عن قربٍ إن شاء الله تعالى.

فصل

دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكَّة بعد الهجرة خمسَ مرَّاتٍ سوى المرَّة الأولى، فإنَّه وصل إلى الحديبية وصُدَّ عن الدُّخول إليها، أحرم في أربعٍ منهنَّ من الميقات لا قبله، فأحرم عام الحديبية من ذي الحليفة، ثمَّ دخلها المرَّة الثَّانية، فقضى عمرته وأقام بها ثلاثًا، ثمَّ خرج، ثمَّ دخلها المرَّة الثَّالثة عام الفتح في رمضان بغير إحرامٍ، ثمَّ خرج منها إلى حنينٍ، ثمَّ دخلها بعمرةٍ من الجعرانة، ودخلها في هذه العمرة ليلًا وخرج ليلًا، فلم يخرج من مكَّة إلى الجعرانة ليعتمر كما يفعل أهل مكَّة اليوم، وإنَّما أحرم منها في حال دخوله إلى مكَّة، ولمَّا قضى عمرته ليلًا رجع من فَوْره إلى الجعرانة، فبات بها، فلمَّا أصبح وزالت الشَّمس خرج في بطن سَرِف حتَّى جامعَ الطَّريقَ (٥)، ولهذا خفيت


(١) ك، ع، ب: «حجتها».
(٢) أي: حزنت.
(٣) ك: «صواحبها».
(٤) ب: «تقرير هذا».
(٥) رواه أحمد (١٥٥١٣، ١٥٥١٩) وأبو داود (١٩٩٦) والترمذي (٩٣٥) والنسائي (٢٨٦٣) من حديث محرش الكعبي. ومداره على مزاحم بن أبي مزاحم المكي، مجهول. ومع ذلك حسنه الترمذي وصححه الألباني في «صحيح أبي داود - الأم» (٦/ ٢٣٧).