للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو عبيد (١) عن الأصمعي: اللَّدُود: ما يسقى الإنسان في أحد شقَّي الفم، أُخِذ من لَديدَي الوادي، وهما جانباه. وأمَّا الوَجُور فهو في وسط الفم.

قلت: واللَّدود بالفتح هو الدَّواء الذي يُلَدُّ به (٢). والسَّعوط ما أُدخِل من أنفه.

وفي هذا الحديث من الفقه: معاقبةُ الجاني بمثل ما فعَل سواءً، إذا لم يكن فعله محرَّمًا لحقِّ اللَّه. وهذا هو الصَّواب المقطوع به لبضعة عشر دليلًا قد ذكرناها في موضعٍ آخر (٣). وهو منصوص أحمد وهو ثابتٌ عن الخلفاء الرَّاشدين. وترجمة المسألة بـ «القصاص في اللَّطمة والضَّربة». وفيها عدَّة أحاديث لا معارض لها البتَّة, فيتعيَّن القول بها.

فصل

في هديه - صلى الله عليه وسلم - في علاج الصُّداع والشَّقيقة

روى ابن ماجه في «سننه» (٤) حديثًا في صحَّته نظرٌ: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا


(١) في «غريب الحديث» (١/ ٢٩٢ - ٢٩٣).
(٢) لا أدري لماذا فسَّر المصنف «اللَّدود» بعدما نقل تفسير الأصمعي.
(٣) انظر: «أعلام الموقعين» (٢/ ١١٨ - ١٤٢) و «تهذيب السنن» (٣/ ١٢٣ - ١٤٠).
(٤) قال الحموي في كتابه (ق ٤٢/أ): «الحديث التاسع والعشرون: عن أبي بكر بن أبي مريم الغساني قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صُدِع غلَّف رأسه بالحنَّاء، ويقول: إنه نافع بإذن الله من الصداع. وجاء من طريق آخر عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا نزل عليه الوحي صُدِع، فيغلِّف رأسه بالحنّاء. أخرجه ابن ماجه وغيره». فلفَّق المؤلف من الحديثين حديثًا واحدًا وعزاه إلى ابن ماجه كما ترى. ولم يُخرج ابن ماجه هذا المتنَ، وإنَّما روى (٣٥٠٢) حديثَ أمِّ رافع: «كان لا يصيب النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قرحة ولا شوكة إلَّا وضَع عليه الحنَّاءَ»، وسيأتي تخريجه. وأمَّا هذا المتن فأخرجه البزَّار (٧٨٥٢)، والطَّبراني في «الأوسط» (٥٦٢٩)، وابن عدي في «الكامل» (٢/ ١٦١)، وأبو نعيم في «الطِّب النَّبوي» (٢٤١، ٦٣٨)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - بلفظ: «كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا نزل عليه الوحيُ صُدِع، فيغلِّف رأسه بالحنَّاء»، وليس فيه القولُ، ولم أقِف له على مصدرٍ. قال ابن كثير في «البداية والنِّهاية» (٤/ ٥٥): «هذا حديث غريب جدًّا»، وهو في «السِّلسلة الضَّعيفة» (٥٩٢٦).