للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ممَّن دون عائشة، وهي أعلمُ بنفسها. قال: وقد روى حديثَ حمَّاد بن سلمة هذا وُهَيبُ بن خالدٍ وحمَّاد بن زيدٍ، فلم يذكرا هذه اللَّفظة.

قلت: يتعيَّن تقديم حديث حمَّاد بن زيدٍ ومن معه على حديث حمَّاد بن سلمة لوجوهٍ:

أحدها: أنَّه أحفظُ وأثبتُ من حمَّاد بن سلمة.

الثَّاني: أنَّ حديثهم فيه إخبارها عن نفسها، وحديثه فيه الإخبار عنها.

الثَّالث: أنَّ الزُّهريَّ روى عن عروة عنها الحديث، وفيه: «فلم أزلْ حائضًا حتَّى كان يوم عرفة»، وهذه الغاية هي الَّتي بيَّنها مجاهد والقاسم عنها، لكن مجاهد قال عنها (١): «فتطهَّرت بعرفة»، والقاسم قال: «يوم النَّحر».

فصل

عُدنا إلى سياق حجَّته: فلمَّا كان بسَرِف قال لأصحابه: «من لم يكن معه هديٌ فأحبَّ أن يجعلها عمرةً فليفعل، ومن كان معه هديٌ فلا» (٢). وهذه رتبةٌ أخرى فوق رتبة التَّخيير عند الميقات، فلمَّا كان بمكَّة أمر أمرًا حتمًا من لا هديَ معه أن يجعلها عمرةً ويحلَّ من إحرامه، ومن معه هديٌ أن يقيم على إحرامه، ولم ينسخ (٣) ذلك شيءٌ البتَّة، بل سأله سُراقة بن مالك عن هذه العمرة الَّتي أمرهم بالفسخ إليها، هل هي لعامهم ذلك أم للأبد؟ فقال: «بل


(١) ق، ب، مب: «عنه».
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) ص، ج: «يفسخ».