للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأوَّل الطائر الذي خرج من فمه بروحه، فإنها كالطائر المحبوس في البدن، فإذا خرجت منه كانت كالطائر الذي فارق حبسه فذهب حيث شاء، ولهذا أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نسمة المؤمن طائر يَعْلُق في شجر الجنة (١).

وهذا هو الطائر الذي رُئي داخلًا في قبر ابن عباس لما دُفِن وسمع قارئ يقرأ: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} [الفجر: ٢٧ - ٢٨] (٢). وعلى حسب بياض هذا الطائر وسواده وحُسنه وقبحه تكون الروح. ولهذا كانت أرواح آل فرعون في صُوَر طيرٍ سُودٍ ترد النار بكرةً وعشيةً (٣).

وأوَّل طلب ابنه له باجتهاده في أن يلحق به في الشهادة وحَبْسِه عنه هو مدةَ حياته بين وقعة اليمامة واليرموك. والله أعلم.

فصل

في قدوم وفد نجران عليه - صلى الله عليه وسلم -

قال ابن إسحاق (٤): ووفد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفدُ نصارى نجران


(١) أخرجه مالك (٦٤٣) وأحمد (١٥٧٧٦) والترمذي وصححه (١٦٤١) والنسائي في «الكبرى» (٢٢١١) وابن حبان (٤٦٥٧) وغيرهم من حديث كعب بن مالك بإسناد صحيح.

وقوله: «يعلق في شجر الجنة» أي: يأكل من ثمارها. يقال: عَلَقت البهائم من الشجر تَعْلُق عَلْقًا وعُلُوقًا، إذا تناولت بأفواهها من ورق الشجر، وكذلك الطير من الثمر.
(٢) أخرجه أبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة» (٢٠١٧) وابن أبي حاتم في «تفسيره» (١٠/ ٣٤٣١) والطبراني في «الكبير» (١٠/ ٢٩٠) والحاكم (٣/ ٥٤٣) عن سعيد بن جبير بإسناد جيّد.
(٣) كما ذكره هُزَيل بن شُرَحبيل ــ وهو من كبار التابعين ــ والسُّدِّي وكعب الأحبار، وروي أيضًا عن ابن مسعود. انظر: «تفسير الطبري» (٢٠/ ٣٣٧، ٣٣٨) و «البعث والنشور» للبيهقي (٢٠٦) و «تفسير عبد الرزاق» (٢/ ١٨١، ١٨٢).
(٤) كما في «دلائل النبوة» (٥/ ٣٨٢).