للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسلموهم: أو يصلِّي عقيبه، ليستقرَّ الغذاء بقعر المعدة، فيسهل هضمُه، ويجود بذلك (١).

ولم يكن من هديه أن يشرب على طعامه فيفسِدَه، ولا سيَّما إن كان الماء حارًّا أو باردًا، فإنَّه رديٌّ جدًّا. قال الشَّاعر (٢):

لا تكن عند أكلِ سُخْنٍ وبردٍ (٣) ... ودخولِ الحمَّام تشرب ماءَ

فإذا ما اجتنبتَ ذلك حقًّا ... لم تخَفْ ما حَيِيتَ في الجوف داءَ

ويُكرَه شربُ الماء عقيب الرِّياضة والتَّعب، وعقيب الجماع، وعقيب الطَّعام وقبله (٤)، وعقيب أكل الفاكهة ــ وإن كان الشُّربُ عقيبَ بعضها أسهل من بعضٍ ــ وعقيبَ الحمَّام، وعند الانتباه من النَّوم= فهذا كلُّه منافٍ لحفظ الصِّحَّة. ولا اعتبار بالعوائد، فإنَّها طبائع ثوانٍ.

فصل

وأمَّا هديه في الشَّراب (٥) فمن أكمل هديٍ تُحفَظ به الصِّحَّة، فإنَّه كان


(١) كتاب الحموي (ص ٣٤٣).
(٢) نقل صاحب العِقد (٦/ ٢٧٨) البيتين من كتاب فرح بن سلام القرطبي الأديب المتطبب، وهو الذي أدخل كتب الجاحظ الأندلسَ رواية عنه. ترجمته في «تاريخ علماء الأندلس» لابن الفرضي (١/ ٤٥١ - دار الغرب) ونقلهما ابن القيم من كتاب الحموي (ص ٣٤٥ - ٣٤٦) و «العقد» من مصادره.
(٣) في كتاب الحموي ومصدره كتاب «العقد»: «سُخْن وبُهْر».
(٤) في س وقع «وعقيب الحمام» هنا. ثم لما كرَّره في موضعه فيما يأتي ضرب عليه.
(٥) س: «الشرب».