للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: العلَّة كسرُ قلوب الفقراء والمساكين إذا رأوها وعاينوها (١).

وهذه العلل فيها ما فيها، فإنَّ التَّعليل بتضييق النُّقود يمنع من التَّحلِّي بها وجعلِها سبائك ونحوِها ممَّا ليس بآنيةٍ ولا نقدٍ. والفخر والخيلاء حرامٌ بأيِّ شيءٍ كان. وكسرُ قلوب المساكين لا ضابط له، فإنَّ قلوبهم تنكسر بالدُّور الواسعة، والحدائق المعجبة، والمراكب الفارهة، والملابس الفاخرة، والأطعمة اللَّذيذة، وغير ذلك من المباحات. فكلُّ هذه عللٌ منتقضةٌ، إذ توجد العلَّة ويتخلَّف معلولها.

فالصَّواب أنَّ العلَّة ــ والله أعلم ــ ما يكسب استعمالُها القلبَ من الهيئة والحالة المنافية للعبوديَّة منافاةً ظاهرةً. ولهذا علَّل النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بأنَّها للكفَّار في الدُّنيا، إذ ليس لهم نصيبٌ من العبوديَّة الَّتي ينالونها (٢) بها في الآخرة. فلا يصلح استعمالها لعبيد الله في الدُّنيا وإنَّما يستعملها من خرج عن عبوديَّته ورضي بالدُّنيا وعاجلها من الآخرة. والله أعلم.

[حرف القاف]

قرآن: قال الله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: ٨٢]. والصَّحيح: أنَّ «مِنْ» هاهنا لبيان الجنس، لا للتَّبعيض (٣). وقال تعالى: {(٥٦) يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي} [يونس: ٥٧].


(١) وقيل: العلة التشبُّه بالأعاجم. انظر: «المفهم» للقرطبي (٥/ ٣٤٥ - ٣٤٦).
(٢) يعني: الفضَّة.
(٣) كما تقدَّم في هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في رقية اللديغ بالفاتحة (ص ٢٥٢). وانظر: «الداء والدواء» (ص ٦) و «إغاثة اللهفان» (١/ ٢٢).