للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اليهود وأهل الإسلام، فاليهود والرَّافضة تذمُّه ولا تأكله. وقد عُلِم بالاضطرار من دين الإسلام حِلُّه، وطالما أكله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حضرًا وسفرًا.

ولحم الفصيل منه من ألذِّ اللُّحوم وأطيبها وأقواها غذاءً. وهو لمن اعتاده بمنزلة لحم الضَّأن لمن اعتاده (١)، لا يضرُّهم البتَّة، ولا يولِّد لهم داءً. وإنَّما ذمَّه بعض الأطبَّاء بالنِّسبة إلى أهل الرَّفاهية من أهل الحضر الذين لم يعتادوه، فإنَّ فيه حرارةً ويبسًا وتوليدًا للسَّوداء، وهو عَسِرُ الانهضام (٢).

وفيه قوَّةٌ غير محمودةٍ، لأجلها أمر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالوضوء من أكله في حديثين صحيحين (٣) لا معارض لهما. ولا يصحُّ تأويلهما بغسل اليد، لأنَّه خلاف المعهود من الوضوء في كلامه - صلى الله عليه وسلم -، ولتفريقه بينه وبين لحم الغنم، فخيَّر بين الوضوء وتركه منها، وحتَم الوضوء من لحوم الإبل. ولو حُمِل الوضوء على غسل اليد فقط لَحُمِل على ذلك في قوله: «من مسَّ فرجه فليتوضَّأ» (٤).


(١) «لمن اعتاده» ساقط من ل والنسخ المطبوعة.
(٢) كتاب الحموي (ص ٤٦٦).
(٣) أحدهما: حديث جابر بن سمرة - رضي الله عنه -، أخرجه مسلم (٣٦٠). والثَّاني: حديث البراء بن عازب، أخرجه أبو داود (١٨٤)، والتِّرمذيُّ (٨١)، وابن ماجه (٤٩٤)، وأحمد (١٨٥٣٨)، قال التِّرمذي: «قال إسحاق: صحَّ في هذا الباب حديثان عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: حديث البراء، وحديث جابر بن سمرة». وصحَّحه ابن الجارود (٢٦)، وابن خزيمة (٣٢)، ابن حبَّان (١١٢٨)، وغيرهم.
(٤) أخرجه أبو داود (١٨١)، والتِّرمذيُّ (٨٢)، والنَّسائيُّ (٤٤٤، ٤٤٥، ٤٤٧)، وابن ماجه (٤٧٩)، وأحمد (٢٧٢٩٣ - ٢٧٢٩٥)، من حديث بسرة بنت صفوان، ولفظه عند الأوَّلَين: «من مسَّ ذكَره». وفي إسناده اختلاف كبير، وقد ضعَّفه الكوفيُّون وغيرُهم، ولكن صحَّحه ابن معين وأحمد كما في «السُّنن» للدَّارقطني (١/ ٢٧٣)، وقال البخاري كما في «البدر المنير» (٢/ ٤٥٢): «هو أصحُّ شيء في الباب»، وصحَّحه التِّرمذيُّ، وابن خزيمة (٣٣)، وابن حبَّان (١١١٤ - ١١١٦)، والدَّارقطنيُّ كما في «البدر المنير» (٢/ ٤٥٣)، والحاكم (١/ ١٣٦ - ١٣٧)، والبيهقيُّ في «المعرفة» (١/ ٢٣٤)، وابن الملقِّن، والألباني في «الإرواء» (١١٦). وقال التِّرمذي: «وفي الباب عن أمِّ حبيبة، وأبي أيُّوب، وأبي هريرة، وأروى بنت أنيس، وعائشة، وجابر، وزيد بن خالد، وعبد الله بن عمرو»، وأضاف الحاكم إلى هذه الشَّواهد: حديثَ عبد الله بن عمر، وسعد بن أبي وقَّاص، وأمِّ سلمة، - رضي الله عنهم -.