للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جعل للحاكم أن يُطلِّق على الزَّوج في مواضع بطريق النِّيابة عنه. فإذا وكَّل الزَّوج مَن يُطلِّق عنه أو يخالع، لم يكن في هذا تغييرٌ لحكم اللَّه ولا مخالفةٌ لدينه، فإنَّ الزَّوج هو الذي يُطلِّق، إمَّا بنفسه وإمّا بوكيله، وقد يكون أتمَّ نظرًا للرَّجل من نفسه، وأعلمَ بمصلحته، فيفوِّض إليه ما هو أعلمُ بوجه المصلحة فيه منه. وإذا جاز التَّوكيل في العتق والنِّكاح والخلع والإبراء وسائر الحقوق: من المطالبة بها، وإثباتها، واستيفائها، والمخاصمة فيها= فما الذي حرَّم التَّوكيل في الطَّلاق؟ نعم، الوكيلُ يقوم مقامَ الموكِّل فيما يملكه من الطَّلاق وما لا يملكه، وما يحلُّ له منه وما يحرم، ففي الحقيقة لم يُطلِّق إلا الزَّوجُ، إمَّا بنفسه وإمّا بوكيله. وبالله التوفيق.

حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي بيَّنه عن ربّه تبارك وتعالى فيمن حرَّمَ أمتَه أو زوجتَه أو متاعَه

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: ١ - ٢]. ثبت في «الصَّحيحين» (١): أنَّه - صلى الله عليه وسلم - (٢) شرب عسلًا في بيت ميمونة (٣)، فاحتالت عليه عائشة وحفصة حتَّى قال: «لن أعود له». وفي لفظٍ: «وقد حلفتُ».


(١) أخرجه البخاري (٤٩١٢، ٥٢٦٧، ٦٦٩١)، ومسلم (١٤٧٤)، من حديث عائشة.
(٢) «أنه - صلى الله عليه وسلم -» ليست في م.
(٣) كذا في جميع النسخ، والذي في «الصحيحين» أن شرب العسل كان عند زينب بنت جحش، وفي بعض الروايات: حفصة بنت عمر. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن شرب العسل كان عند سودة. ولم يرد في شيء من الروايات أنها ميمونة. انظر: «فتح الباري» (٩/ ٣٧٦).