للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «صحيح ابن حبان» (١) عن عائشة قالت: قال أبو بكر الصديق: لما كان يومُ أحدٍ انصرف الناس كلُّهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكنت أوَّلَ من فاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فرأيت بين يديه رجلًا يقاتل عنه ويحميه، قلت: كُن طلحة فداك أبي وأمي! كن طلحة فداك أبي وأمي (٢)! فلم أنشب أن أدركني أبو عبيدةَ بنُ الجرَّاح وإذا هو يشتدُّ كأنه طير حتى لحقني، فدَفَعْنا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا طلحة بين يديه صريعًا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «دونكم أخاكم، فقد أوجب»، وقد رُمِي النبي - صلى الله عليه وسلم - في جَبِينه، ورُمِي في وَجْنَته حتى غابت حلقة من حِلَق المِغْفَر في وجنته، فذهبتُ لأنزِعها (٣) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال أبو عبيدة: نشدتُك بالله يا أبا بكر إلّا تركتني! قال: فأخذ أبو عبيدة السهمَ بفيه فجعل يُنَضْنِضُه كراهة (٤)

أن يؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم استلَّ السهم بفيه فنَدَرَت ثنيةُ أبي عبيدة، قال أبو بكر: ثم ذهبتُ لآخذ الآخر فقال أبو عبيدة: نشدتُك بالله يا أبا بكر إلا تركتني! قال: فأخذه بفيه فجعل ينضنضه ثم استلَّه، فندرت ثنيةُ أبي عبيدة الأخرى، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «دونكم أخاكم، فقد أوجب»، قال: فأقبلنا على طلحة نُعالجه وقد أصابته بضعة عشر ضربةً.


(١) برقم (٦٩٨٠) بنحوه، واللفظ المذكور إنما هو لهَيثم بن كُليب الشاشي في «مسنده» كما في «المختارة» للضياء (١/ ١٣٧) من طريقه. وأخرجه أيضًا الطيالسي (٦) والبزّار (٦٣) والحاكم (٣/ ٢٧) وقال: صحيح الإسناد، فتعقبه الذهبي بأن أحد رواته إسحاق بن يحيى بن طلحة متروك. وذكر ابن كثير في «تفسيره» (آل عمران: ١٥٣) أن علي ابن المديني قد ضعّف هذا الحديث من جهة إسحاق بن يحيى هذا.
(٢) سقطت جملة التفدية المكررة من ص، د، ز، ن.
(٣) ز، ع: «لأنتزعها».
(٤) ز، ع: «كراهية». والنضنضة: التحريك ..