للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

في هديه - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الخوف

أباح الله له قصرَ أركانِ الصلاة وعددِها إذا اجتمع الخوف والسفر، وقصرَ العددِ وحده إذا كان سفرٌ لا خوف معه، وقصرَ الأركان وحدها إذا كان خوفٌ لا سفر معه. وهذا كان هديه - صلى الله عليه وسلم -، وبه تعلم الحكمة في تقييد القصر في الآية (١) بالضَّرب في الأرض والخوف (٢).

وكان من هديه في صلاة الخوف إذا كان العدو بينه وبين القبلة: أن يصُفَّ المسلمين كلَّهم خلفه، فيكبِّر ويكبرون جميعًا، ثم يركع ويركعون جميعًا، ثم يرفع ويرفعون معه. ثم ينحدر بالسجود والصفُّ الذي يليه خاصَّةً، ويقوم الصفُّ المؤخَّر مواجهَ (٣) العدوِّ. فإذا فرغ من الركعة الأولى ونهض إلى الثانية سجد الصفُّ المؤخَّر بعد قيامه سجدتين، ثم قاموا فتقدَّموا إلى مكان الصفِّ الأول، وتأخَّر الصفُّ الأول مكانهم، لتحصل فضيلة الصفِّ الأول للطائفتين، وليدرك الصفُّ الثاني مع النبي - صلى الله عليه وسلم - السجدتين في الركعة الثانية، كما أدرك الأولُ معه السجدتين في الأولى، فتستوي الطائفتان فيما أدركوا معه وفيما قضَوا لأنفسهم؛ وذلك غاية العدل. فإذا ركع صنع الطائفتان كما صنعوا أول مرة. فإذا جلس في التشهد سجد الصفُّ المؤخَّر


(١) ص: «الآيات».
(٢) تقدم نحو هذا بأطول منه في الكلام على قصر الصلاة.
(٣) ك، ج: «مواجهة».