وهو ابن أربع عشرة سنةً فلم يجزه، ثم عُرِض عليه يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة سنةً فأجازه.
قال: فصح أنه لم يكن بينهما إلا سنة واحدة.
وأجيب عن هذا بجوابين:
أحدهما: أن ابن عمر أخبر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رده لما استصغره عن القتال، وأجازه لما وصل إلى السن التي رآه فيها مطيقًا، وليس في هذا ما ينفي تجاوزها بسنة أو نحوها.
والثاني: أنه لعله كان يومَ أحد في أول الرابعة عشرة ويومَ الخندق في آخر الخامسة عشرة.
فصل
وكان سبب غزوة الخندق أن اليهود لما رأوا انتصار المشركين على المسلمين يوم أحد، وعلموا بميعاد أبي سفيان لغزو المسلمين، فخرج لذلك ثم رجع إلى العام المقبل= خرج أشرافهم كسلام بن أبي الحُقَيق، وسلام بن مشكم، وكنانة بن الربيع (١) وغيرهم إلى قريش بمكة يحرِّضونهم على غزو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويؤلِّبونهم عليه، ووعدوهم من أنفسهم بالنصر لهم، فأجابتهم قريش، ثم خرجوا إلى غطفان فدعوهم فاستجابوا لهم، ثم طافوا في قبائل العرب يدعونهم إلى ذلك، فاستجاب لهم من استجاب، فخرجت قريش وقائدهم أبو سفيان في أربعة آلاف ووافتهم بنو سليم بمَرِّ الظهران، وخرجت بنو أسدٍ وفَزارة وأشجع وبنو مرة، وجاءت غطفان وقائدهم عُيَينة بن حصن؛ وكان من وافى الخندق من الكفار عشرةَ آلافٍ.
(١) ابن أبي الحُقيق، زوج صفية أم المؤمنين قبل إسلامها.