للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سلبَه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صدق، فأعطه إياه»، فأعطاني فبعتُ الدرعَ فابتعت به مَخرفًا في بني سلمة، فإنه لأول مال تأثَّلتُه (١) في الإسلام.

وفي المسألة ثلاثة أقوال (٢): هذا أحدها، وهو وجه في مذهب أحمد.

والثاني: أنه لا بد من شاهد ويمين، كإحدى الروايتين عن أحمد.

والثالث ــ وهو منصوص الإمام أحمد ــ: أنه لا بد من شاهدين، لأنها دعوى قتلٍ فلا تقبل إلا بشاهدين.

وفي القصة دليل على مسألة أخرى: وهي أنه لا يشترط في الشهادةِ التلفظُ بلفظ «أشهد»، وهذا أصح الروايات عن أحمد في الدليل ــ وإن كان الأشهر عند أصحابه الاشتراط ــ، وهي مذهب مالك (٣).

قال شيخنا (٤): ولا يعرف عن أحد من الصحابة والتابعين اشتراط لفظة (٥) الشهادة.

وقد قال ابن عباس: شهد عندي رجال مرضيون وأرضاهم عندي عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة بعد العصر وبعد الصبح (٦). ومعلوم أنهم


(١) المَخرف: حائط فيه نَخَلات يُخترفن، أي يُجتنى منهن الثمر. تأثَّلته: أي تأصَّلته، أراد أنه أول أصلٍ باقٍ من المال اقتناه وجمعه.
(٢) انظر «الأوسط» (٦/ ١١٩) و «المغني» (١٣/ ٧٤).
(٣) انظر: «الإنصاف» (٣٠/ ٩٩ - ١٠٠) و «تبصرة الحكام» لابن فرحون (١/ ٢٢٢).
(٤) ونقله المؤلف أيضًا في «الطرق الحكمية» (٢/ ٥٤٣) بنحوه، والبعلي في «الاختيارات» (ص ٥٢٣) والمرداوي في «الإنصاف».
(٥) كذا في ف، ص، ب. وفي سائر الأصول والمطبوع: «لفظ».
(٦) أخرجه البخاري (٥٨١).