الصيف قلَّ علينا فتفرَّقنا على المياه، والإسلام اليومَ فينا قليل ونحن نخاف، فادعُ الله عز وجل لنا في بئرنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ناوِلْني سبعَ حصياتٍ» فناولته، فعركهن بيده ثم دفعهن إلي وقال:«إذا انتهيت إليها فألق فيها حصاةً حصاةً وسمِّ الله»، قال: ففعلتُ، فما أدركنا لها قعرًا حتى الساعة (١).
فصل
في فقه هذه القصة
ففيها: استحباب عقد الألوية والرايات للجيش، واستحباب كون اللواء أبيض وجواز كون الراية سوداء من غير كراهة.
ومنها: قبول خبر الواحد، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - ردَّ الجيش من أجل خبر الصُّدائي وحده.
ومنها: جواز سير الليل كلَّه في السفر إلى الأذان، فإن قوله «اعتشى» أي: سار عشيةً، ولا يقال لما بعد نصف الليل.
وفيها: جواز الأذان على الراحلة.
وفيها: طلب الإمام الماء من أحد رعيته للوضوء، وليس ذلك من السؤال.
وفيها: أنه لا يتيمم حتى يطلب الماء فيُعْوِزَه.
وفيها: المعجزة الظاهرة بفَوَران الماء من بين أصابعه؛ لمَّا وضعها فيه أمدَّه الله به وكثَّره حتى جعل يفور من خلال الأصابع الكريمة. والجهال تظنُّ
(١) الخبر بطوله في «الاكتفاء» (١: ٢/ ٣٥٧) و «عيون الأثر» (٢/ ٢٥٤).