للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما: أن يكون النهي عنه قد ثبت بمكة، ثم أُذِن فيه بالمدينة ثم نُهي عنه.

والثاني: أن زيد بن أرقم كان من صغار الصحابة فكان هو وجماعة يتكلمون في الصلاة على عادتهم ولم يبلغهم النهي، فلمَّا بلغهم انتهوا. وزيد لم يخبر عن جماعة المسلمين كلِّهم بأنهم كانوا يتكلمون في الصلاة إلى حين نزول هذه الآية، ولو قُدِّر أنه أخبر بذلك لكان وهمًا منه.

ثم اشتد البلاء من قريش على من قدم من مهاجري الحبشة وغيرهم، وسَطَت بهم عشائرُهم ولقوا منهم أذًى شديدًا، فأذن لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخروج إلى أرض الحبشة مرةً ثانيةً، فكان خروجهم الثاني أشقَّ عليهم وأصعب، ولَقُوا من قريش تعنيفًا (١) شديدًا ونالوهم بالأذى، وصعب عليهم ما بلغهم عن النجاشيِّ مِن حسن جِواره لهم.

وكان عدةَ من خرج في هذه المرة ثلاثةٌ وثمانون رجلًا ــ إن كان فيهم عمارُ بن ياسر، فإنه يشك فيه، قاله ابن إسحاق (٢) ــ ومن النساء تسع عشرة امرأةً (٣).

قلت: قد ذُكر (٤) في هذه الهجرة الثانية عثمان بن عفان وجماعة ممن شهد بدرًا فإما أن يكون هذا وهمًا وإما أن يكون لهم قَدْمة أخرى قبل بدرٍ،


(١) ك، ع: «تعسُّفًا»، وهو الظلم.
(٢) كما في «سيرة ابن هشام» (١/ ٣٣٠).
(٣) ذكره ابن سعد في «الطبقات الكبير» (١/ ١٧٦) عن شيخه الواقدي بأسانيد له عن أم سلمة وبعض التابعين. والمؤلف صادر عن «السيرة النبوية» للدمياطي (ق ٣١).
(٤) كما في المصدرين السابقين.