للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأنصار والسورة مدنية، وحينئذٍ فابنُ مسعود سلَّم عليه لما قدم وهو في الصلاة فلم يردَّ عليه حتى سلَّم (١) وأعلمه بتحريم الكلام، فاتفق حديثه وحديث زيد بن أرقم.

قيل: يُبطل هذا شهودُ ابن مسعود بدرًا، وأهل الهجرة الثانية إنما قَدِموا عام خيبر مع جعفر وأصحابه، ولو كان ابن مسعود ممن قدم قبل ذلك (٢) لكان لقدومه ذِكر، ولم يَذكر أحد قدومَ مهاجري الحبشة إلا في القَدْمة الأولى بمكة والثانيةِ عامَ خيبر مع جعفر، فمتى قدم ابنُ مسعود في غير هاتين المرّتين (٣)؟

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال ابن إسحاق، قال (٤): وبلغ أصحابَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين خرجوا إلى أرض الحبشة إسلامُ أهل مكة فأقبلوا، فلمَّا بلغهم أن إسلام أهل مكة كان باطلًا لم يدخل أحد منهم (٥) إلا بجوار أو مستخفيًا. وكان ممن قدم منهم فأقام بها حتى هاجر إلى المدينة فشهد بدرًا وأُحُدًا ... فذكر منهم عبد الله بن مسعود.

فإن قيل: فما تصنعون بحديث زيد بن أرقم؟ قيل: قد أجيب عنه بجوابين:


(١) أي النبي - صلى الله عليه وسلم - من صلاته، وفي م، ق، ك، ع: «حين سلَّم» أي ابن مسعود.
(٢) ص، ز، ج، ن: «قبل بدرٍ».
(٣) ص، ز، ج، ن، الطبعة الهندية: «ومع من» بدل «المرتين»، والمثبت من سائر الأصول، وكتب عليه «صح» في م. وفي طبعة الرسالة أُثبت كلاهما.
(٤) «قال» ليست في ص، ز، ق. وانظر لقوله: «سيرة ابن هشام» (١/ ٣٦٤ - ٣٦٦).
(٥) م، ب: «منهم أحد».