قالوا: ولو صح حديث سبرة لم يخفَ على ابن مسعود حتى يروي أنهم فعلوها ويحتج بالآية.
قالوا: وأيضًا فلو صحَّ لم يقل عمر: إنها كانت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أنهى عنها وأعاقب عليها، بل كان يقول: إنه - صلى الله عليه وسلم - حرمها ونهى عنها.
قالوا: ولو صحَّ لم تُفعَل على عهد الصديق وهو عهد خلافة النبوة حقًّا.
والطائفة الثانية: رأت صحةَ حديث سبرة، ولو لم يصح فقد صحَّ حديث علي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم متعة النساء، فوجب حمل حديث جابر على أن الذي أخبر عنه (١) بفعلها لم يبلغه التحريم، ولم يكن قد اشتهر حتى كان زمن عمر، فلما وقع فيها النزاع ظهر تحريمُها واشتهر، وبهذا تأتلف الأحاديث الواردة فيها. وبالله التوفيق.
فصل
وفي قصة الفتح من الفقه جواز إجارة المرأة وأمانها للرجل والرجلين، كما أجاز النبي - صلى الله عليه وسلم - أمانَ أم هانئ لحَمْوَيها.
وفيها من الفقه: جواز قتل المرتد الذي تغلَّظت ردَّتُه مِن غير استتابة، فإن عبد الله بن سعد بن أبي سرح كان قد أسلم وهاجر، وكان يكتب الوحي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم ارتد ولحق بمكة، فلما كان يومُ الفتح أتى به عثمان بن عفان رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ليبايعه، فأمسك عنه طويلًا ثم بايعه، وقال:«إنما أمسكت عنه ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه»، فقال له رجل: هلَّا أومأتَ إليَّ يا رسول الله؟ فقال: «ما