للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السنة لمن دخلها من طريق الطائف وما يليه. وأما ما يفعله كثير ممن لا علم عندهم من الخروج من مكة إلى الجعرانة ليُحرم منها بعمرة ثم يرجع إليها، فهذا لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أحد من أصحابه البتة، ولا استحبَّه أحد من أهل العلم، وإنما يفعله عوام الناس ــ زعموا ــ اقتداءً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وغلطوا، فإنه إنما أحرم منها داخلًا إلى مكة، لم يخرج منها إلى الجعرانة ليحرم منها؛ فهذا لون وسنته لون، وبالله التوفيق.

فصل

ومنها: استجابة الله سبحانه لرسوله - صلى الله عليه وسلم - دعاءَه لثقيفٍ أن يهديهم ويأتي بهم وقد حاربوه وقاتلوه وقتلوا جماعةً من أصحابه وقتلوا رسولَ رسوله الذي أرسله إليهم يدعوهم إلى الله، ومع هذا كلِّه فدعا لهم ولم يدعُ عليهم، وهذا من كمال رحمته ورأفته ونصيحته صلوات الله وسلامه عليه.

فصل

ومنها: كمال محبة الصِّدِّيق له وقصدُه التقربَ إليه والتحبُّبَ بكل ما يمكنه، ولهذا ناشد المغيرة أن يدعه هو يبشر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقدوم وفد الطائف ليكون هو الذي سرَّه (١) وفرَّحه بذلك. وهذا يدل على أنه يجوز للرجل أن يسأل أخاه أن يؤثره بقُربةٍ من القُرَب، وأنه يجوز للرجل أن يؤثر بها أخاه، وقولُ من قال من الفقهاء: لا يجوز الإيثار بالقرب= لا يصح (٢).


(١) ن، المطبوع: «بشره»، تصحيف.
(٢) وهذا خلاف ما ذهب إليه المؤلف في «طريق الهجرتين» (٢/ ٦٤٨ - ٦٥٠) و «الروح» (٢/ ٣٨٦ - ٣٨٨). وتأليف «زاد المعاد» متأخر عنهما.