للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان خالد إنما قتلهم متأوِّلًا، وكان غزوهم بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - (١)، ضَمِنهم بنصف دياتهم لأجل التأويل والشبهة، وأجراهم في ذلك مجرى أهل الكتاب الذين قد عصموا نفوسهم وأموالهم بعقد الذمة ولم يدخلوا في الإسلام.

ولم يقتض عقدُ الصلح أن ينصرهم على من حاربهم ممن ليس في قبضة النبي - صلى الله عليه وسلم - وتحت قهره، فكان في هذا دليل على أن المعاهدين إذا غزاهم قوم ليسوا تحت قهر الإمام وفي يده وإن كانوا من المسلمين= أنه لا يجب على الإمام ردُّهم عنهم، ولا منعهم من ذلك، ولا ضمان ما أتلفوه عليهم.

وأخذ الأحكام المتعلقة بالحرب ومصالحِ الإسلام وأهله وأمورِ السياسات الشرعية من سِيَره ومغازيه أولى من أخذها من آراء الرجال؛ فهذا لون، وتلك لون، وبالله تعالى التوفيق.

فصل

وكذلك صالح أهل خيبر لمّا ظهر عليهم على أن يُجليهم منها، ولهم ما حملت ركابُهم، ولرسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصفراءُ والبيضاءُ والحَلَقةُ وهي السلاح.

واشترط في عقد الصلح أن لا يكتموا ولا يُغيِّبوا شيئًا، فإن فعلوا فلا ذمةَ لهم ولا عهد، فغيَّبوا مَسْكًا فيه مال وحلي لحُيَي بن أخطب كان احتمله معه إلى خيبر حين أجليت النضير، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمِّ حيي بن أخطب ــ واسمه سَعْية ــ: «ما فعل مَسْك حُيَي الذي جاء به من النضير؟»، فقال:


(١) ج، ن، المطبوع: «ولما كان إصابته لهم عن نوع شبهة إذ لم يقولوا: أسلمنا وإنما قالوا: صبأنا فلم يكن إسلامًا صريحًا». وكذا كان في ص ثم ضرب عليه الناسخ وكتب المثبت في الهامش مصححًا عليه.